خيانة الدم.. تفاصيل صادمة لجريمة قتل محمد بأسيوط على يد زوجته وشقيقه

في صباح السبت 10 أغسطس 2024، دوّت صرخات "نورا.ع" داخل منزلها بمركز البداري بمحافظة أسيوط، معلنة وفاة زوجها "محمد.ا.م" إثر صعق كهربائي أثناء استحمامه، بحسب روايتها.
تجمعت العائلة والأشقاء المصدومون، وسرعان ما استخرج تصريح الدفن، وأقيم سرادق العزاء، خيمت عليه أجواء الحزن والأسى، فلم يخطر ببال أحد من المشيعين أن هذه الدموع تخفي وراءها جريمة بشعة، وأن الحزن الظاهر ما هو إلا ستار يخفي قلوبًا سوداء.
مضت الأيام والشهور، وطوى النسيان ظاهريًا صفحة هذا الحادث الأليم؛ لكن بعد مرور تسعة أشهر وعشرين يومًا تحديدًا، تلقت أجهزة الأمن بلاغًا مفاجئًا من ربة منزل، اتهمت المبلغة "عمر.ا.ش"، شقيق المتوفى، و"نورا.ع"، زوجته الأرملة، بقتل محمد عمدًا، وأن الدافع وراء هذه الجريمة كما ورد في البلاغ، هو خلافات حادة نشبت حول ميراث شركة أعلاف مملوكة للعائلة، وذلك عقب وفاة والدهم، "السيد.م.ش".
بدأت التحقيقات تتوسع وتتعمق، وكشفت عن خيوط متشابكة من الصراعات العائلية، وتبين أن المجني عليه محمد، كان يرغب في منح عمه حصة من الميراث في الشركة، وهو ما قوبل برفض قاطع وغضب شديد من والدته وأشقائه، وتصاعدت الخلافات بين أفراد العائلة، ووصلت إلى ذروتها عندما اعتدى محمد على والدته وقام بطردها من المنزل في لحظة غضب.
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر والكراهية، بدأت خيوط مؤامرة تُحاك في الخفاء، وقرر الشقيقان عمر وأبوبكر (الذي وافته المنية لاحقًا أثناء سير التحقيقات) التخلص من شقيقهما، واستغل الشقيقان الخلافات الدائرة بين محمد وزوجته نورا، التي كانت تعاني من سوء معاملته وتعرضها للضرب المستمر، تم الاتفاق مع نورا على أن تكون شريكة في الجريمة، ووعدوها بالتخلص من عذابها.
في ليلة الجريمة المشؤومة، نفذت نورا الجزء الموكل إليها في الخطة، دست أقراصًا منومة في عشاء زوجها، وبعد أن تأكدت من أنه غارق في نوم عميق، أبلغت شقيق زوجها عمر وتسلل وشقيقه أبوبكر إلى المنزل، وتوجها نحو غرفة نوم محمد، وكتما أنفاسه باستخدام "وسادة" حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
لم تتوقف الجريمة عند هذا الحد، قام الجناة بنقل جثمان محمد إلى الطابق العلوي من المنزل، وجردوه من ملابسه، ثم وضعوه في حوض الاستحمام؛ بعد ذلك طلبوا من نورا الصراخ والبكاء بصوت عالٍ، وادعاء أن زوجها قد توفي صعقًا بالكهرباء أثناء استحمامه.
وجرى نقل الجثمان إلى مستشفى البداري، وبعد فحص سطحي لم يثر أي شكوك، صدر تصريح بالدفن؛ ووسط مشاعر مصطنعة من الحزن والأسى قام الجناة أنفسهم بدفن ضحيتهم، محاولين إخفاء جريمتهم البشعة تحت التراب.
بعد مرور 289 يومًا، ورد بلاغ إلى مركز شرطة البداري من سيدة كشفت فيه عن شكوكها واتهمت "عمر" و"نورا" و"أبوبكر" بقتل "محمد"؛ فور تلقي البلاغ، بدأت التحريات تتكثف وقامت الأجهزة الأمنية بتفريغ المكالمات الهاتفية التي تمت بين المتهمين قبل وبعد وقوع الجريمة، وكشفت هذه المكالمات عن اتفاق مسبق وتنسيق كامل بين الجناة لارتكاب جريمتهم والتستر عليها.
لم تتوقف الأدلة عند المكالمات الهاتفية، فقد أدلى مفتش الصحة بأقوال أكدت وجود كدمات وسحجات واضحة على جسد المجني عليه، وهو ما يتنافى تمامًا مع الادعاء بوفاته نتيجة صعق كهربائي، وأكدت التحريات النهائية والمعاينة الدقيقة للجثمان أن الوفاة كانت نتيجة خنق متعمد.
أحال المحامي العام لنيابات جنوب أسيوط الكلية المتهمين "عمر.ا.ش" و"نورا.ع.ع" إلى محكمة جنايات أسيوط، وجهت إليهما تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، بعد أن كشفت التحقيقات عن تخطيطهما المسبق للجريمة وتنفيذها بمساعدة المتهم الثالث المتوفى أبوبكر، وذلك بدافع الطمع والجشع والرغبة في الاستئثار بميراث العائلة.