من الشرقية لغابة ألمانية.. مأساة مقتل إيمان على يد زوجها

ثمانية أشهر ظل خلالها اسم إيمان محمد حسن، ابنة مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، يتردد بين أبناء الجالية المصرية في ألمانيا، وسط محاضر تغيب ومناشدات من أسرتها للمقيمين هناك بتحرير بلاغات لدى الشرطة الألمانية، بحثًا عن إجابة واحدة: "أين إيمان؟ وهل ما زالت على قيد الحياة؟".
بعد شهور من الانتظار والترقب، وفي غابة نائية تبعد نحو خمسة كيلومترات عن محل إقامتها، عُثر على رفاتها. وكُشف لاحقًا أنها قُتلت على يد زوجها بمساعدة شقيقه، الذي كان قد استقدمه من مصر وتورطا معًا في التخطيط للجريمة وتنفيذها بدم بارد.
إيمان، التي لم تُكمل عامها الرابع والثلاثين، كانت أمًا لثلاثة أطفال، أصغرهم لم يتجاوز بضعة أشهر. غادرت مصر قبل نحو 10 سنوات بعد زواج تقليدي من رجل صعيدي يعمل طباخًا في ألمانيا. كانت تحمل شهادة الدكتوراه في علم النفس وتحلم بحياة مستقرة، لكنها اصطدمت بواقع مؤلم.
بحسب رواية شقيقتها، أماني محمد حسن، بدأت معاناة إيمان منذ الأيام الأولى للزواج، إذ منعها زوجها من العمل رغم مؤهلاتها، وأجبرها على البقاء في المنزل. ومع مرور الوقت، بدأت طباعه القاسية في الظهور، وازدادت حدة الخلافات مع تزايد الأعباء بعد ولادة طفليها الأول والثاني.
تقول أماني: "كانت تتحمل من أجل أطفالها"، مؤكدة أن إيمان كانت تشتكي من التضييق والعنف النفسي، وأحيانًا الجسدي، لكنها فضلت الصمت والاستمرار. كانت تتواصل مع أسرتها هاتفيًا، وتنتظر زياراتها السنوية إلى مصر لتتنفس قليلًا قبل العودة مجددًا لتحمّل عبء الحياة الزوجية.
وفي إحدى زياراتها لمصر، احتجزها الزوج في منزل عائلته بالصعيد، ومنعها من التواصل مع الخارج. إلا أن أسرتها نجحت في إخراجها. سبب الخلاف كان مطالبتها له بنصيبها من الدعم المالي الشهري الذي تمنحه الدولة الألمانية للأطفال، فرفض وأصرّ على حبسها، لكن أسرتها أعادتها إلى الشرقية.
عادت لاحقًا إلى ألمانيا بدعم من السلطات، وأقامت في دار لإيواء النساء المعنفات، ورفعت دعوى للمطالبة بحقوقها وحقوق أطفالها، وابتعدت عن زوجها لنحو عام. لكنه استمر في محاولاته لاستعطافها، حتى أقنعها بالعودة إلى منزل الزوجية.
وبعد نحو شهرين من "هدوء مشوب بالحذر"، عاد العنف، خاصة بعد علم الزوج بحملها بطفلهما الثالث، الذي رفضه بشدة. وفي نوفمبر 2024، أجرت إيمان مكالمة هاتفية مع شقيقتها، أبلغتها خلالها أن الزوج استقدم شقيقه من مصر دون موافقتها. ثم انقطعت أخبارها تمامًا.
على مدار ثمانية أشهر، لم تفقد الأسرة الأمل. أبلغوا أبناء الجالية المصرية، الذين بدورهم تواصلوا مع السلطات الألمانية. الزوج ادّعى أن زوجته غادرت المنزل وتركته مع الأطفال، لكن لم يصدقه أحد، وسرعان ما تحوّلت الشكوك نحوه.
وفي حادثة مأساوية، وخلال توصيل أحد سائقي خدمات التوصيل طلبًا في إحدى الغابات، لاحظ وجود خوذة ودراجة طفل. وعند حضور الشرطة، قادتهم الكلاب البوليسية إلى جثة مدفونة جزئيًا. وبعد فحوصات الطب الشرعي، تأكدت السلطات من أن الرفات تعود إلى إيمان محمد حسن.
أقر الزوج لاحقًا بجريمته، واعترف بقتلها بمساعدة شقيقه الذي فرّ من ألمانيا، فيما لم تُعلن حتى الآن تفاصيل طريقة القتل. أما الأطفال الثلاثة، فقد أُودعوا مؤقتًا لدى أسرة مصرية في ألمانيا، بانتظار انتهاء الإجراءات القانونية.
أسرة الضحية طالبت بإعادة محاكمة الجناة في مصر، وإنزال أقصى العقوبات بهم، وتسليم الأطفال إلى ذويهم لرعايتهم داخل محيطهم الأسري في الشرقية.
تقول أماني، شقيقة إيمان، إن الزوج هدد شقيقتها في مكالمة سابقة قائلًا: "كان أشرف لك تموتي إنتي وعيالك من الجوع في مصر بدل ما ترفعي قضية وتفضحيني في الصعيد"، مؤكدة أن كلماته كانت أشبه بنبوءة نفّذها لاحقًا بدم بارد.
إيمان، التي كانت تسعى إلى السلام والأمان، حاولت الحفاظ على أسرتها رغم ما عانته من ألم، لكنها وقعت ضحية لجريمة مروعة حاول الجاني إخفاءها، قبل أن تكشفها الصدفة. وقد أثارت قصتها حزنًا واسعًا وتضامنًا كبيرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بمحاسبة الجاني وتقديمه للعدالة.