الشيطانة التي خدعت عبر السوشيال ميديا… كيف قادت علاقة وهمية شابًا لقتل زوجها؟

شهدت مدينة الإسكندرية واحدة من أبشع الجرائم التي تجسد كيف يمكن أن يتحول العالم الافتراضي إلى ساحة دماء حقيقية. زوجة عشرينية نسجت خيوط مؤامرة عبر "فيسبوك"، اخترعت شخصية وهمية، واصطادت بها شابًا لا يعرفها لتقنعه بقتل زوجها، تحت وهم الحب والعشق المحرم. وبعد تحقيقات مطولة، انتهت القضية بإحالة أوراق الزوجة والشاب إلى مفتي الجمهورية تمهيدًا لإعدامهما.
هذه الجريمة لم تكن مجرد حادث فردي، بل فتحت ملفًا خطيرًا عن "جرائم السوشيال ميديا"، وكيف يمكن أن تتحول المحادثات الافتراضية إلى أداة للتضليل، الاستدراج، ثم القتل.
الفصل الأول: بيت زوجي تحوّل إلى ساحة صراع
تزوجت الفتاة من ابن عمها في الإسكندرية. ورغم فارق العمر بينهما، ظن الأهل أن الزواج سيستقر. لكن الخلافات سرعان ما اشتعلت داخل البيت. لم تفلح محاولات الوسطاء، ولا تدخل الأهل، في إصلاح العلاقة. ومع كل أزمة، كانت الزوجة تستسلم أكثر لوساوس شيطانية تبحث عن الخلاص، حتى وصلت إلى فكرة وحشية: "قتل الزوج".
الفصل الثاني: ولادة الخطة عبر "فيسبوك"
أدركت الزوجة أن تنفيذ جريمة القتل بيدها سيجعلها أول المشتبهين. فاختارت خطة أكثر شيطانية: الاستعانة بشخص لا يعرفها، لتوظفه كأداة قتل.
أنشأت صفحة وهمية على "فيسبوك"، وضعت عليها صورة فتاة حسناء. لم تمضِ أيام حتى تسابق الشباب لمحادثتها. وفي النهاية وقع في شباكها شاب عشريني من الجيزة، انخدع بجمال الصورة، فهام بها عشقًا وهو لا يعرف أنها مجرد خدعة.
الفصل الثالث: القصة الكاذبة التي أذابت قلب الشاب
لتكسب تعاطفه، اختلقت الزوجة رواية مأساوية: ادّعت أنها فتاة تعرضت للاغتصاب، وأن أهلها أجبروا المغتصب على الزواج منها، وأنها تعيش حياة جحيمية. وبدأت ترسم صورة الزوج كوحش يستحق الموت. لم يتردد الشاب في لعب دور "المنقذ"، وظن أن بقتله الزوج سيحصل على ليلة العشق الموعودة.
الفصل الرابع: من الجيزة إلى الإسكندرية… ليلة الدم
سافر الشاب إلى الإسكندرية مفعمًا بالأوهام. جلَس في مقهى أسفل العقار ينتظر. وعند الفجر، ظهرت له الزوجة مدعية أنها "قريبة" الحسناء التي يحبها على السوشيال ميديا، وسلّمته مفتاح الشقة وسكين الجريمة.
تسلل الشاب إلى غرفة النوم، حيث كان الزوج نائمًا، وسدد له طعنات قاتلة في الرقبة والكتف والذراع. ثم هرب، تاركًا الزوج جثة هامدة.
الفصل الخامس: مسرحية اللصوص تنهار
زعمت الزوجة أمام المباحث أن لصوصًا اقتحموا الشقة وقتلوا زوجها وقيدوها. لكنها لم تتوقع يقظة رجال التحريات.
كاميرات المراقبة رصدت دخول شاب غريب. وبفحص هاتفها، تبيّن أنها على تواصل مع شاب من الجيزة. وعندما أُلقي القبض عليه، اعترف بكل شيء. وكانت الصدمة حين رآها لأول مرة: لم تكن الحسناء التي رأى صورتها على فيسبوك، بل امرأة عادية قادته بخداعها إلى ارتكاب جريمة دم.
الفصل السادس: قاعة المحكمة وصوت النيابة
أمام محكمة جنايات الإسكندرية، مثلت الزوجة (26 عامًا) والشاب (20 عامًا). استعرضت النيابة أدلة الاتهام:
-
اعترافات كاملة من المتهمين.
-
تقرير الطب الشرعي الذي كشف الطعنات الغائرة في عنق وكتف وذراع المجني عليه.
-
تطابق البصمة الوراثية للزوج على الحبل الذي قيدت به الزوجة نفسها لإبعاد الشبهة.
-
السكين المضبوط أداة الجريمة.
وفي مرافعتها، قالت النيابة: "أي أم أنتِ لتقتلي زوجك وتحرمي أبناءك الأربعة من أبيهم؟ أي زوجة تستحل دم من كان سندها في الحياة؟"، مؤكدة أن الجريمة عدوان صارخ على الحق في الحياة، مطالبة بإعدام المتهمين شنقًا.
الفصل السابع: جرائم السوشيال ميديا… القاتل الخفي
القضية تفتح الباب أمام نقاش واسع حول خطورة العلاقات الافتراضية. فالشاب الذي لم يرَ المرأة يومًا اندفع وراء صورة مزيفة ووعد كاذب. وهكذا تحولت "دردشة فيسبوك" إلى "مسرح جريمة".
خبراء علم الاجتماع يحذرون من أن مواقع التواصل قد تصبح "أداة استدراج" لمراهقين وشباب يفتقدون الوعي، فيتورطون في جرائم قتل، ابتزاز، أو تجارة ممنوعة.
ويرى محللون أن ضعف الثقافة الرقمية لدى كثير من الشباب المصري يجعلهم فريسة سهلة للقصص الوهمية.
الفصل الثامن: القانون لا يرحم
القانون المصري يضع عقوبات رادعة لجرائم القتل المقترنة بالتخطيط المسبق. وبحسب مواد قانون العقوبات، فإن عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد هي الإعدام شنقًا. وبإحالة أوراق الزوجة والشاب إلى المفتي، تكون العدالة قد قطعت خطوة نحو إصدار الحكم النهائي.
دروس وعِبر من القصة
-
المال الحرام أو الوهم المحرم لا يبني حياة: فالزوجة باعت حياتها وأبناءها مقابل نزوة.
-
السوشيال ميديا ليست عالمًا آمنًا: قد تحمل وراء الصور البراقة أخطر الشراك.
-
الوعي الرقمي ضرورة: حماية الشباب من الوقوع ضحايا للتضليل.
-
العدالة يقظة: رغم ذكاء الخطة، كشفتها التحريات والأدلة التقنية.
مأساة العشق المسموم
قصة الزوجة "الشيطانة" والشاب المغرر به ليست مجرد جريمة قتل، بل مرآة لظاهرة اجتماعية آخذة في التوسع: جرائم تُخطط عبر السوشيال ميديا، يقودها الوهم والشهوة والخداع. وفي النهاية، تسقط الأقنعة، وتبقى الحقيقة القاسية: شاب فقد مستقبله، زوجة فقدت حياتها وأمومتها، وأبرياء أربعة فقدوا والدهم.
هذه القصة تذكير قاسٍ بأن اللعب بالنار في العالم الافتراضي قد يحرق الواقع بأبشع الصور.