قصة إنسانية من محطة سوهاج.. أم شابة تواجه المجهول وحيدة مع طفلها الرضيع

في أحد أركان محطة قطار سوهاج، تجلس شابة في مقتبل العمر، تحمل بين يديها طفلًا لا يتجاوز عمره الشهرين، تتشبث به وكأنها تتشبث بالحياة ذاتها. وجهها الشاحب يختزل قصة وجع ومعاناة إنسانية قاسية، خلفها تفاصيل مليئة بالألم والخذلان.
بداية المأساة
تروي السيدة قصتها بعيون دامعة: تزوجت من شاب من محافظة مطروح، كان في البداية يبدو مستقرًا، لكن سرعان ما اكتشفت أنه مدمن. تفاقمت الخلافات بينهما حتى طلقها ورماها في الشارع، دون مأوى أو سند، لتبدأ رحلة التيه في الحياة ومعها طفل لم يعرف بعد معنى الأمان.
زادت مأساة السيدة حين قالت إن والديها توفيا منذ سنوات، بينما إخوتها متورطون في جريمة قتل شقيقتها، ما جعلها بلا عائلة أو بيت يعود إليها. ومع مرور الأيام، وجدت نفسها في محطة سوهاج منذ أكثر من 15 يومًا، تنام على المقاعد وتقتات على ما يقدمه بعض المارة من طعام أو مساعدة عابرة.
ليست متسولة.. بل مظلومة
رغم قسوة الظروف، تؤكد السيدة أنها ليست شحّاتة ولا تبحث عن المال، بل عن الأمان لطفلها. تقول وهي تلوّح بأوراقها الرسمية:
"معايا البطاقة وقسيمة الجواز وكل أوراقي.. أنا مش هاربة ولا طالبة صدقة، أنا بس عايزة مكان آمن أنا وطفلي."
الطفل الرضيع الذي تحمله في حضنها لم يتلق رعاية طبية منذ ولادته، ولا تملك والدته ثمن حليب أو حفاضات، ومع ذلك ترفض أن تتركه أو تطلب المساعدة بأسلوب مهين.
دعوة لإنقاذ حياة
المشهد الإنساني المؤلم أثار تعاطف المارة ورواد المحطة الذين ناشدوا السلطات بسرعة التدخل لإنقاذ الأم وطفلها. وطالبوا مديرية التضامن الاجتماعي بمحافظة سوهاج ووزارة التضامن الاجتماعي بالتحرك الفوري لتوفير مأوى آمن ورعاية طبية عاجلة لهما.
كما دعا الأهالي إلى التواصل مع خط نجدة الطفل 16000 والجهات الرسمية المعنية بحماية النساء المعنفات لتقديم الدعم اللازم للسيدة، مؤكدين أن "هذه ليست حالة تسوّل بل صرخة استغاثة من إنسانة فقدت كل شيء إلا كرامتها."
بين القسوة والأمل
تختصر هذه القصة مأساة مئات النساء اللواتي يعانين بصمت في الشوارع المصرية دون مأوى أو دعم، وتكشف الحاجة الملحّة إلى تعزيز دور الحماية الاجتماعية والتدخل السريع في مثل هذه الحالات قبل أن تتحول إلى مأساة أكبر.
ورغم الظلام الذي يحيط بها، لا تزال الأم الشابة تتمسك ببصيص الأمل في أن يمدّ أحدهم يد العون، لتبدأ حياة جديدة مع طفلها بعيدًا عن قسوة الشوارع ووجع المحطات.