صرخات منتصف الليل في عزبة طراد.. حين دافعت الأرملة عن بيتها فواجهت رصاصة الغدر

في تلك الليلة الهادئة من ليالي عزبة طراد التابعة لمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، لم يكن أحد من الأهالي يتوقع أن يُكسر سكون القرية بصوت رصاص مفاجئ، ولا أن تتحول محاولة سرقة إلى جريمة قتل مأساوية راحت ضحيتها سيدة أرملة تُدعى "موزة عوض سالم"، تبلغ من العمر 55 عامًا.
كانت موزة تعيش وحيدة بعد وفاة زوجها، معروفة بين جيرانها بطيبتها وكرمها وبساطتها، فلا عداوات لها ولا خصومات، فقط امرأة بسيطة تقضي يومها بين بيتها الصغير وأرضها الزراعية التي ورثتها عن زوجها الراحل.
بداية المأساة
قبيل منتصف الليل، تسلل ثلاثة لصوص إلى منزل موزة، أحدهم من نفس العزبة، والاثنان الآخران من قرية مجاورة تُدعى ميت طريف.
كانوا يظنون أن البيت يخلو من أحد أو أن السيدة المسنّة لن تشكل خطرًا عليهم، لكن القدر كتب فصلًا آخر للجريمة.
بينما كانوا يبحثون في الظلام عن أي مال أو مجوهرات، أحسّت موزة بحركتهم، فصرخت بكل ما أوتيت من قوة:
“حرامية! إلحقوني يا ناس!”
لم يتحمل اللص الرئيسي صراخها، فرفع سلاحه وأطلق رصاصة أصابت بطنها، ثم أطلق أخرى استقرت في ساقها، فسقطت على الأرض تصرخ ألمًا بينما تسيل دماؤها على أرض بيتها الطيني.
صرخة تهز القرية
لم تمر سوى لحظات حتى عمّ الهرج والمرج في عزبة طراد. هرع الأهالي من بيوتهم على صوت الرصاص والصرخات، ليجدوا موزة ممددة على الأرض، واللص يحاول الهرب في الظلام.
لكن أبناء القرية لم يتركوه، فطاردوه حتى أمسكوا به عند أطراف الحقول، وانهالوا عليه ضربًا وسط غضب عارم، قبل أن تصل قوات مباحث مركز دكرنس بقيادة المقدم عمار الجداوي، التي سيطرت على الموقف وألقت القبض على المتهم.
دموع في عيون القرية
في الصباح التالي، تحولت عزبة طراد إلى ساحة حزن كبيرة.
تجمّع الأهالي حول بيت الضحية، والعيون تفيض بالدموع، والنساء يرددن الدعاء بالرحمة. كانت موزة عوض سالم رمزًا للبساطة والكرم في القرية، تعيش مما تجنيه من أرضها وتساعد الجيران بما تقدر عليه.
قال أحد جيرانها:
“ما كانتش تستاهل اللي حصل فيها.. دي ست طيبة كانت بتعيش في حالها، لا ليها عداوات ولا خصام مع حد.”
وأضاف آخر:
“اللي عمل كده لازم يتعاقب أقصى عقوبة.. دي جريمة تهز الضمير.”
العدالة تتحرك
نُقلت جثة الضحية إلى مشرحة مستشفى دكرنس العام، وبدأت النيابة العامة التحقيق في الحادث، حيث تم تحريز السلاح المستخدم وسماع أقوال المتهمين، وسط مطالبات شعبية بتطبيق أقصى درجات العقوبة على الجناة.
من جانبهم، أشاد الأهالي بسرعة تحرك رجال الشرطة والمباحث، الذين وصلوا إلى مكان الجريمة خلال دقائق، ما ساعد على القبض الفوري على القاتل، قبل أن يحاول الهرب أو طمس الأدلة.
مأساة تحمل رسالة
رحلت "موزة" وهي تحاول الدفاع عن بيتها البسيط الذي بناه زوجها الراحل بجهد العمر، رحلت بشجاعة امرأة لم تخَف من مواجهة اللصوص، حتى لو كلفها ذلك حياتها.
جريمتها لم تكن مجرد حادث سرقة انتهى بموت ضحية، بل صرخة إنسانية ضد الطمع والجشع وانعدام الضمير.
واليوم، لا تزال القرية تتحدث عنها كرمز للكرامة والصمود، تلك المرأة التي واجهت رصاصة الغدر بشجاعة، لتبقى قصتها حكاية مؤلمة في ذاكرة الريف المصري.

