حوادث اليوم
بوابة حوادث اليوم

إسماعيل الليثي.. رحلة مطرب شعبي أنهكته الصدمات وأنهاها القدر

اسماعيل  الليثي
-

خيم الحزن على الوسط الفني الشعبي في مصر بعد وفاة الفنان إسماعيل الليثي، الذي رحل عن عالمنا صباح الإثنين متأثراً بإصاباته الخطيرة إثر حادث سير مأساوي وقع قبل أيام في مركز ملوي بمحافظة المنيا، بينما كان عائداً من إحياء حفل زفاف بمحافظة أسيوط برفقة فرقته الموسيقية.
الحادث أسفر عن وفاة 3 أشخاص وإصابة 7 آخرين، من بينهم الليثي الذي نُقل إلى المستشفى في حالة حرجة، حيث ظل يصارع الموت داخل العناية المركزة لعدة أيام قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بالمضاعفات.

الحادث الذي أنهى رحلة فنان محبوب

وقع الحادث على طريق الصعيد حين اصطدمت سيارة الليثي بسيارة أخرى أثناء عودته من إحدى حفلاته، في وقتٍ حاول فيه الأطباء إنقاذ حياته بعد إصابته البالغة في الرأس والصدر. إلا أن حالته تدهورت سريعاً حتى تم إعلان وفاته، لتفقد الساحة الغنائية الشعبية صوتاً أصيلاً ومحبوباً شكّل جزءاً من الوجدان المصري خلال السنوات الأخيرة.

سبب وفاة المطرب إسماعيل الليثي

وقد أثارت وفاته حالة من الحزن والصدمة بين زملائه وجمهوره، الذين تداولوا مقاطع من أغانيه الشهيرة ولقطات نادرة جمعته مع نجله الراحل “ضاضا”، في مشاهد مؤثرة تعكس حجم مأساته الإنسانية.

بدايات متواضعة وصعود سريع

ولد إسماعيل الليثي عام 1989 في أسرة متوسطة من أحياء مصر الشعبية، حيث نشأ على أصوات الطبول والمزامير في الأفراح الريفية، فشبّ محباً للفن الشعبي ومؤمناً بأنه لسان الناس البسطاء.
بدأ مشواره من الحفلات الصغيرة والمناسبات العائلية، قبل أن يلفت الأنظار بصوته القوي وإحساسه العميق، فاستطاع أن يدمج بين الإيقاع الشعبي الأصيل وروح الأغنية الشبابية الحديثة، ليصعد نجمه بسرعة ويصبح من أكثر المطربين طلباً في الأفراح والمهرجانات.

إسماعيل الليثي يصارع الموت بعد حادث مروع | MEO

لم يقتصر نجاحه على الغناء فقط، بل امتد إلى السينما، حيث شارك في عدة أفلام بأدوار “المطرب الشعبي”، مقدماً أغنيات خفيفة عكست شخصيته المرحة وروحه القريبة من الجمهور.
وكان الليثي أحد أبرز رموز جيل جديد من مطربي الأغنية الشعبية الذين حاولوا الجمع بين التراث المصري والحداثة الموسيقية.

حياة مليئة بالألم والفقد

ورغم مسيرته الناجحة، فإن حياة إسماعيل الليثي كانت مليئة بالوجع، إذ عاش صدمات متتالية تركت في نفسه جروحاً عميقة، أبرزها وفاة نجله رضا الشهير بـ«ضاضا» في حادث مأساوي بعد سقوطه من الطابق العاشر.
كان «ضاضا» يتمتع بشهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بفضل مقاطع الفيديو الكوميدية التي جمعته بوالده، ما جعل علاقتهما حديث الجمهور.

شكلت هذه الفاجعة نقطة تحول مأساوية في حياة الليثي، الذي لم يتعافَ من صدمة فقد ابنه. وفي لقاءات إعلامية لاحقة، تحدث عن الألم الذي لا يُنسى وعن الفراغ الكبير الذي تركه ابنه في حياته، قائلاً في أحد التسجيلات: «كنت بعيش عشانه».

الجانب الإنساني والعاطفي للفنان

لم تخلُ حياة الليثي من جوانب إنسانية مؤثرة، فقد عاش قصة حب مليئة بالتقلبات مع زوجته، إذ انفصل عنها لفترة قبل أن يعود إليها في مشهد مؤثر حين قدم لها هدية واعتذاراً علنياً خلال عيد ميلادها، وسط تصفيق الحاضرين.
انتشرت صور تلك اللحظة على مواقع التواصل، واعتبرها كثيرون دليلاً على وفائه وصدقه الإنساني.

كان الليثي معروفاً ببساطته وتواضعه، فلم تغيّره الشهرة، بل ظل قريباً من جمهوره، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم بنفس الروح التي انطلق بها من الحارة الشعبية.

إرث فني وإنساني لا يُنسى

برحيل إسماعيل الليثي، فقدت الساحة الشعبية صوتاً من قلب الناس، فناناً بدأ من الصفر وشق طريقه بعزيمة واجتهاد، راسماً لنفسه مكانة خاصة في ذاكرة المستمعين.
رحل الليثي كما عاش، بسيطاً ومحباً للحياة، يحمل في صوته نكهة الشارع المصري، وفي قلبه جراح الأب المفجوع.
سيبقى اسمه محفوراً في ذاكرة الفن الشعبي كرمزٍ للفنان المكافح الذي غنّى للحب والفرح، لكنه غادر الحياة مثقلاً بالألم.