الإعدام لقاتل ابنه ..أخفى الجثة في برميل وصب عليها خرسانة في المراغه بسوهاج

في جريمة هزت محافظة سوهاج وأبكت القلوب قبل العيون، أسدلت محكمة مستأنف جنايات سوهاج
، يوم السبت الماضي، الستار على واحدة من أبشع قضايا القتل الأسري، بعد أن قضت بإجماع الآراء بإعدام الأب القاتل، الذي لم يرحم دم طفله الصغير ولا براءته.
هو طفل صغير في الصف الرابع الابتدائي، يبلغ من العمر 9 سنوات، خرج من بيت والدته كعادته لزيارة والده واستلام النفقة الشهرية، لكنه لم يعد أبدًا.. أيام طويلة مرت على الأم عائشة، وهي تنتظره على باب البيت، تصلي وتدعو، تبحث عنه في كل مكان وتطرق أبواب الجيران والمستشفيات والأقسام دون أثر.. حتى جاء اليوم الذي انهار فيه قلبها قبل جسدها؛ حين أخبرها فريق البحث الجنائي بمركز المراغة بما لا تتحمله أم: «ابنك مقتول.. ومش بس مقتول.. مدفون في برميل ومغطى بالأسمنت» التفاصيل كانت أبشع من الخيال؛ فالقاتل هو والده الذي تجرد من كل معاني الإنسانية والرحمة والأبوة، خطط لجريمته ونفذها لمجرد الانتقام من طليقته وتحرير قضية إهمال لها!.. نعم قتل نجله لكي يحرر ضد الأم قضية إهمال.. في السطور التالية نسرد اعترافات المتهم، وكيف ارتكب جريمته بدم بارد ومارس حياته بشكل طبيعي بعدها وكأنه لم يقترف أي ذنب.
في قرية صغيرة هادئة، بمحافظة سوهاج، كان عبد المعز الشهير بعز وأخوه إبراهيم يعيشان حياة بسيطة تحت رعاية والدتهما عائشة.
كانت الأم، رغم كل صعوبات الحياة، تحرص على تنظيم يومهما بدقة.. يعودان من المدرسة بعد الظهر، يتناولان غداءهما سريعًا، ينامان أو يراجعان دروسهما، ثم بعد العصر تمنحهما فسحة قصيرة للعب عند أول البلد مع باقي أطفال القرية.. لكن شرطها الوحيد كان صارمًا: «ترجعوا قبل المغرب.. المغرب تبقوا في البيت».
كانت تخاف عليهما خوفًا مضاعفًا، خاصة بعد طلاقها من والدهما، لم تكن الأم تسمح لأي منهما بالتأخير، وإذا تأخر أحدهما لحظة، ترسل الآخر للبحث عنه، أو تذهب بنفسها تجوب الشوارع والطرقات.. لكن يوم ١١ نوفمبر 2023م لم يكن ككل الأيام، تأخر عز عن موعد عودته.. انتظرت الأم قليلًا ثم أرسلت إبراهيم يبحث عنه في كل مكان يعرفانه، عاد إبراهيم خائفًا يقول: «مش لاقيه يا ماما».
خرجت هي بنفسها تبحث بعينيها وقلبها، لم تجد أثرًا له، فجأة انقلبت القرية الهادئة رأسا على عقب الكل يبحث عن عز، الخوف ينهش قلوب أسرته كلما مرت دقيقة ولم يظهر فيها.
كبار وحاططهم على الصبة.. وبعدين دخلت الحمام استحميت والباب خبط لاقيت رياض ابني من مراتي التانية بيقولي تعالى عشان اروح المراغة اتصور للمدرسة فأخدته ووديته وبعدين دخلنا مطعم كشري أكلنا وبعدها ركبته عربية وخليته يروح وأنا فضلت مستني في المراغة لحد ما الصور تطلع وأخدتها ورجعت على البلد وواحد صاحبي اتصل بيا واتفقت معاه أنه يجي ياخد البهايم عشان يبيعهم في السوق وفعلا جه بالليل أخدهم وباعهم وأداني 30 ألف جنيه واتبقى ليا عنده 100 ألف جنيه وبعد كده أنا سيبت البلد ومشيت وكل شوية أروح محافظة غير التانية دمياط واسكندرية ودمنهور وبني سويف والفشن والمنيا وأسيوط لمدة حوالي شهرين تقريبا وبعد كده رجعت على المركز وسلمت نفسي.
أما عن سبب ارتكابه الجريمة فشهد أحد الأشخاص أمام النيابة، وقال: «كانت في جلسة جمعتني بالمتهم قبل الواقعة بما يقارب الشهرين، أخبرني فيها بأنه يريد أن يقوم بعمل محاضر لزوجته مثل محضر إهمال أم وذلك بقيامه بخطف أحد أولاده الذين يقوم بإعطائهم النفقة الخاصة بهم أو محضر تشهير بها وذلك لإسقاط حقها في الحضانة وتمكنيه من عدم الاستمرار في دفع النفقة الخاصة بهم».
مجرد انتقام من طليقته.. أراد أن يحرق قلبها على أعز ما تملك، فقتل فلذة كبدها بلا شفقة أو إنسانية.
كلمات الأم
بعدما انتهت التحقيقات مع المتهم، وجهت له النيابة تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وتحولت القضية للجنايات..
تولى رشدي أبو قورة، المحامي الدفاع عن حق المجني عليه، جاءت مرافعاته تحمل العديد من القيم الإنسانية والاستشهاد بالآيات القرآنية ليبين مدى بشاعة الجريمة، حتى استطاع أن يعيد حق الضحية ويثلج قلوب أسرته بعدما أصدرت المحكمة حكمها العادل؛ فقال: «أصدرت محكمة جنايات سوهاج، حكمًا أوليًا في 4 فبراير 2025 بإعدام المتهم؛ الذي استأنف على الحكم، حتى أصدرت محكمة مستأنف جنايات سوهاج، قرارًا بتأييد حكم الإعدام، ونحن كنا على ثقة بالقضاء العادل وأنه سيقتص لحق المجني عليه الذي قُتل بلا ذنب».
وقفت الأم في قاعة المحكمة تبكي ابنها الغائب، بينما أصدر القاضي حكمه العادل بإعدام الأب القاتل شنقًا حتى الموت، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه أن ينتزع الرحمة من قلبه، وبعيون مليئة بالدموع وهي تحتضن صورة نجلها، قالت: «حق ابني رجع.. القضاء أنصفني، هو قتل عز وفكر إنه هيفلت، بس ربنا نصرني.. نام وارتاح يا عز، حقك راجع وهيتلف على رقبته حبل المشنقة زي ما لفه عليك وخنقك.. النار فى قلبي بردت وهتتطفي لما ينفذوا فيه حكم الإعدام».