ألسنة اللهب تكشف جريمة مدبرة.. ماذا حدث في شقة دار السلام؟

كانت "حنان"، ابنة الـ19 ربيعًا، تنتظر بشغف يوم زفافها أواخر مايو الماضي، تزين أحلامها فستان أبيض يرافقها إلى حياة جديدة بجانب من اختارته شريكًا لها.
لكن القدر كان يخفي لها مأساة أليمة قلبت حياتها رأسًا على عقب، إذ فقدت والدتها "هويدا" بطريقة بشعة بعد أن التهمتها النيران، بينما يرقد والدها "مغربي" بين الحياة والموت في المستشفى مصابًا بحروق قاتلة.
بداية الحكاية.. خلاف قديم يتحول إلى ثأر
القصة تعود إلى خلاف قديم بين أسرتين في حي دار السلام بالقاهرة. النزاع لم يكن سوى على "فرش خضار" بسيط، ورثته إحدى السيدات عن والدتها منذ 40 عامًا، ليتحول مع الوقت إلى شرارة صراع دامٍ.
تطورت الخلافات إلى مشاجرات متكررة، تبادل خلالها الطرفان الاتهامات والاعتداءات، إلى أن جاء اليوم المشؤوم في السادس من مايو 2022.
ليلة الحادث.. حين تحول الفرن إلى محرقة
في ذلك اليوم، كانت "هويدا" تعمل في الفرن الآلي المملوك لأسرتها، يساعدها زوجها "مغربي". لم يكن يخطر ببال أحد أن يتحول المكان، الذي يطعم مئات الجيران يوميًا، إلى مسرح جريمة مروعة.
بحسب التحقيقات، اقتحم ثلاثة متهمين — سيدة تُدعى "رجيبة"، وزوجها "ياسر"، وابنها "محمود" — المكان مدججين بأسلحة بيضاء وزجاجات بنزين.
اندلعت مشاجرة عنيفة، حاول خلالها "مغربي" الدفاع عن نفسه وزوجته، لكنه فوجئ بألسنة اللهب تلتهم جسده بعدما سكب المتهمون البنزين وأشعلوا النيران داخل الفرن.
سقطت "هويدا" وسط ألسنة النار، تصرخ وتستغيث، فيما كان زوجها يحاول إنقاذها بجسده العاري من أي حماية. لكن النار لم ترحم الاثنين، فأصيب هو بحروق عميقة وقطع في الشريان، بينما ظلت هي تصارع الموت حتى لفظت أنفاسها الأخيرة داخل غرفة العناية بمستشفى القصر العيني.
اعترافات متضاربة ومحاولات للإنكار
أمام النيابة، أنكرت "رجيبة" وزوجها وابنها الاتهامات المنسوبة إليهم، مدعين أنهم كانوا في موقع الدفاع عن النفس بعد أن اعتدى عليهم أبناء المجني عليها بالأسلحة.
لكن تحريات المباحث وروايات الشهود رسمت صورة مختلفة؛ حيث تبين أن المتهمين خططوا مسبقًا للجريمة، وتربصوا بالمجني عليهما، ثم باغتوهم بإشعال النار داخل الفرن انتقامًا للخلاف القديم.
نهاية حزينة.. ودموع لا تجف
رحلت "هويدا" تاركة وراءها ابنة عروسًا فقدت أمها قبل أن تفرح بزفافها، وزوجًا لا يزال يعاني آثار الحروق والآلام.
بينما يقبع المتهمون خلف القضبان، بعد أن أمرت النيابة بحبسهم 45 يومًا على ذمة التحقيقات، ليظل السؤال معلقًا: هل يستحق "فرش خضار" أن تتحول بسببه حياة أسرتين إلى مأساة دامية؟