خطة الأب المميتة.. حقيبة مدرسية تفتح أبواب جحيم الدماء

في مساء عادي من سبتمبر، كان حي مساكن مبارك بالعامرية غرب الإسكندرية يعيش هدوءه المعتاد، الأطفال يلعبون في الشوارع والأمهات منشغلات في تحضير العشاء، والجيران يتبادلون أحاديث يومية، دون أن يتوقع أحد أن الحي سيصبح مسرحًا لجريمة أسرية بشعة.
خلافات متراكمة خلف الأبواب المغلقة
كشفت التحقيقات أن الأب، أحمد.ع.م، عامل لحام، كان يبدو هادئًا أمام الجيران، لكنه كان يعيش خلافات مستمرة مع زوجته، هـ.ب.ع، التي تركت المنزل منذ أغسطس 2024، مصطحبة طفلتيها «رويدا» 16 سنة و«رقية» 10 سنوات. حاول الأب مرارًا إعادة زوجته بالقوة أو بالتهديد لكنها رفضت دائمًا.
حقيبة المدرسة.. طُعم الجريمة
في صباح يوم الحادث، اتصل الأب بابنته الكبرى قائلاً إنه اشترى حقيبة مدرسية جديدة لشقيقتها الصغيرة «رقية»، وطلب منهما الحضور لاستلامها. لم يكن أحد يعلم أن الحقيبة كانت مجرد خدعة لاستدراج الطفلتين إلى الشقة وتحويلها إلى مسرح دموي.
الاحتجاز والتهديد المباشر
بمجرد دخول الطفلتين، أغلق الأب الباب بإحكام واتصل بزوجته مهددًا بقتل بناتهما إذا لم تحضر. مطالبه لم تكن مالية، بل أراد إجبارها على العودة إليه ومنحه "حقوقه الشرعية"، وهو ما رفضته الزوجة، لتتجه الأمور نحو الكارثة.
بداية المذبحة الدموية
استل الأب سكينًا حادًا، وتوجه نحو ابنته الكبرى «رويدا» وغرس السكين في عنقها وصدرها. حاولت الطفلة الصغرى «رقية» إنقاذ شقيقتها، لكنها أصيبت هي الأخرى، وتمكنت رغم ذلك من الهرب إلى الجيران مستنجدة بهم، والدماء تغطي ثيابها.
نهاية الأب المأساوية
أمام الجيران المحتشدين، أنهى الأب حياته بإصابة نفسه بعدة طعنات في صدره وبطنه وعنقه، ونُقل إلى المستشفى في حالة حرجة، إلا أن محاولات إنقاذه فشلت، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد ساعات.
صدمة الأم وشهادة النيابة
أدلت الزوجة بشهادتها أمام النيابة، معبرة عن صدمتها وعجزها عن التصديق، وقالت إن المكالمة الأخيرة من ابنتها الكبرى لم تخبرها بما سيحدث، وإنها ظنت أن التهديدات السابقة مجرد كلمات فارغة، إلا أن الكابوس تحقق.
اعترافات الأب قبل الوفاة
أفاد الأب قبل موته أن خلافاته مع زوجته لم تكن مالية، بل لرفضها إعطاءه حقوقه الزوجية. اعترف بأنه أراد استدراجها عبر احتجاز طفلتهاما، وأن فقدانه للأعصاب دفعه لارتكاب الجريمة، مبديًا شعورًا بالانتقام أكثر من الندم.
التحقيقات والطب الشرعي
انتقلت قوة من مباحث قسم العامرية أول لموقع الحادث، وتم تحرير المحضر رقم 10762 لسنة 2025، وأمرت النيابة العامة بالتصريح بدفن الضحايا بعد تشريح جثتي الأب وابنته الكبرى، كما تم عرض الطفلة المصابة على الطب الشرعي لتحديد الإصابات.
شهادات الجيران.. رعب وشهادة على المأساة
أفاد الجيران الذين شاهدوا الطفلة المصابة هاربة: «سمعنا صراخًا عاليًا.. فجأة شفنا البنت الصغيرة بتجري علينا وتقول الحقوني بابا قتل أختي». وأضاف آخر: «كنا نعرف أن بينهم مشاكل.. لكن لم نتخيل أن تصل الأمور إلى هذا الحد».
بلاغ الأجهزة الأمنية وبداية التحقيق
تلقت الأجهزة الأمنية إخطارًا من قسم شرطة العامرية أول يفيد قيام الأب بالتعدي على بناته، وتسبب في وفاة إحداهن وإصابة الأخرى، ثم حاول الانتحار. تم نقل الأب والطفلة المصابة إلى المستشفى، وتوفي الأب، فيما باشرت النيابة العامة التحقيقات.