ننشر نص التحقيقات الكاملة مع رئيس حي شرق الإسكندرية بعد سقوطه في قبضة الرقابة الإدارية – قصة الصعود والفضيحة – من قاعات الاجتماعات إلى قفص الاتهام – أسرار الرشوة المقنّعة باسم ”القرض”

من السلطة إلى قفص الاتهام... رئيس حي شرق الإسكندرية في قبضة العدالة
هزة قوية ضربت الأوساط التنفيذية في الإسكندرية، بعد القبض على ح.ز، رئيس حي شرق، الذي كان حتى ساعات قليلة مضت يجلس على كرسي أحد أهم المناصب بالمحافظة، قبل أن ينقلب المشهد رأسًا على عقب، ويتم اصطحابه مكبلاً بالأصفاد لتنفيذ حكم المؤبد الغيابي الصادر ضده في قضية رشوة تعود إلى عام 2021 حين كان رئيسًا لمجلس مدينة المحلة الكبرى.
الدهشة سيطرت على الجميع، إذ كيف لمسؤول صادر بحقه حكم بالسجن المؤبد أن يواصل الترقي من برج العرب إلى وسط الإسكندرية ثم إلى حي شرق، حتى سقط في النهاية بفضل كمين محكم نفذته هيئة الرقابة الإدارية، ليُكشف المستور.
الكواليس الخفية: رجل الأعمال "المنقذ" الذي فتح باب السجن
بحسب ما كشفته التحقيقات التي تنفرد بنشرها، فإن رئيس الحي كان يعيش أزمة مالية طاحنة حين دخل في علاقة صداقة مشبوهة مع رجل أعمال يُدعى م.ا، قدم نفسه باعتباره المنقذ القادر على تسوية الديون وفتح أبواب البنوك.
"كنت متعثر شوية.. أخويا كان مريض وكنت بدور على أي طريقة أجيب فلوس. قلت أبيع عربيتي، لكن هو عرض يساعدني يا بالقرض يا بالمشتري"،
هكذا بدأ المتهم أقواله أمام النيابة.
لم يكن العرض بريئًا؛ إذ زعم رجل الأعمال أنه سيُرتب له قرضًا من بنك تنمية الصادرات، وبالفعل تم التواصل مع مدير فرع البنك في طنطا، وتم تجهيز الأوراق باسم زوجة رئيس الحي لعدم قدرته على الاقتراض بسبب قرض آخر من بنك QNB.
القرض الوهمي... رشوة بغطاء رسمي
في اليوم التالي، اتصل رجل الأعمال بالمسؤول قائلاً له:
"خلي المدام تروح البنك في سموحة.. هيخلصوا كل حاجة ويعطوها الكارت."
وهكذا كان. نزل 50 ألف جنيه أولاً، ثم على دفعات أخرى حتى وصل المبلغ إلى 170 ألف جنيه، دون أي خصم من الراتب أو أقساط كما جرت العادة في القروض البنكية.
وحين سأل المتهم عن السبب، جاءه الرد:
"ما تقلقش.. المبلغ هينزل على دفعات وبعدها هنبدأ نخصم."
لكن البنك لم يخصم شيئًا، لأن القرض لم يكن قرضًا.. بل رشوة مقنّعة لدفع رئيس المدينة إلى تسهيل صرف مستخلصات مالية تخص مشاريع رجل الأعمال في الغربية.
النهاية: سقوط مفاجئ ودهشة في الشارع
بعد شهور من تتبع خيوط القضية، أُلقي القبض على رئيس الحي من مكتبه لتنفيذ الحكم، في مشهد أثار صدمة كبرى داخل أروقة المحافظة، خاصة أنه كان يستعد لحضور أول اجتماع رسمي بمنصبه الجديد.
التحقيقات كشفت أن المبلغ الذي تم تحويله لم يكن سوى وسيلة غير مباشرة لتصفية حسابات مالية مشبوهة، وأن المتهم استخدم نفوذه لتحقيق مصالح خاصة، فكانت النتيجة مؤبدًا بلا رجعة.