حوادث اليوم
الخميس 8 مايو 2025 04:19 صـ 11 ذو القعدة 1446 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

ضحية الشهامة.. حكاية مقتل نجار مسلح اثناء فض مشاجرة فى حلوان

ضحية الشهامة في حلوان
ضحية الشهامة في حلوان

لم يكن عادل يومًا صاحب مشكلة، ولا عرف طريق الخصام، بل كان رجلًا بسيطًا يعمل بعرق يده، يحيا من أجل أسرته ويعود كل مساء محمّلًا بتعب اليوم، وابتسامة ترسمها قناعته بأن الحياة لا تستحق إلا الطيبين، وفى ظهيرة دافئة من أحد الأيام، وبينما كان يعود من عمله الشاق كـ"نجار مسلح"، وقع فى طريق مشاجرة لم يكن طرفًا فيها، لكنه وقف كعادته موقف الشهامة، محاولًا أن يصلح بين اثنين من الجيران، سعيًا منه لأن يُجنب الحى مشهد دم أو صراخ.

لم يكن فى حسبان عادل، أن النية الطيبة وحدها لم تكن كافية لحمايته، وأن موقفه النبيل سيقوده إلى مشهد النهاية، ولم يتخيل الأب، الذى ظل ينتظر عودة ابنه إلى البيت، أن يعود له جثة هامدة، وقد أنهت رصاصة طائشة عمر قلب نابض بالحياة، وحرمت أربعة أطفال من سندهم، وزوجة من شريكها، وأبًا من فلذة كبده.


فى منطقة كفر العلو بحلوان، كان عادل، الشاب الثلاثيني، يقترب من منزله بعد ساعات طويلة قضاها بين الحديد والأسمنت، يحمل على كتفيه تعب النهار وآمال أسرته التى تنتظره على الغدا، لكنه لم يكن يعلم أن أصوات الصخب فى الشارع المقابل تخفى وراءها لحظة مأساوية ستغير مصير أسرته إلى الأبد، وأن خطواته تلك لن تكتمل إلى داخل البيت.
كان هناك خلاف قد نشب بين اثنين من الجيران بسبب مجموعة من الأخشاب، سرعان ما تحول إلى مشادة، ثم إلى مشاجرة عنيفة، تجمهر حولها عدد من الأهالى محاولين الفصل بين الطرفين قبل أن تتطور الأمور.


من بين هؤلاء، وقف «عادل»، يحاول تهدئة الموقف، لا يحمل سلاحًا ولا خصومة، فقط كلمات طيبة وحرص على ألا يُسفك دم أو يُكسر خاطر.
لم تمر لحظات، حتى انسحب أحد أطراف المشاجرة، ودخل إلى منزله القريب، لكن الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد، إذ عاد الرجل من نافذة شقته، وأطلق النار عشوائيًا على المارة أسفل الكوبري.
لم تكن الرصاصة الأولى سوى طيشًا عابرًا لم تصب أحدًا، لكن الثانية كانت حاسمة، إذ اخترقت رأس "عادل"، فسقط أرضًا دون صوت، وسط ذهول كل من حوله. كان المشهد صادمًا، هرع الجيران، وركض والده وخاله فى محاولة يائسة لنقله إلى المستشفى، قلبهم معلق بالأمل، وعيونهم ترفض تصديق ما حدث.


رغم أن «عادل» وصل المستشفى وهو لا يزال على قيد الحياة، إلا أن الإصابة كانت قاتلة، وأعلن الأطباء وفاته فور وصوله، وسط انهيار أسرته.

«كان يحاول فض المساجرة بين اتنين.. مالوش دعوة بحاجة»، قالها والد المجنى عليه بصوت مكسور، عن ابنه الذى ذهب ضحية لموقف نبيل، مضيفًا: «اللى ضربه دخل بيته وطلع من الشباك وضرب نار.. أول طلقة خابت، التانية جت فى دماغ عادل، وبعدها عمل بإيده كأنه بيقول خلصت عليه».

وفى السياق ذاته، قال خال الضحية، الذى كان من بين من حاولوا إسعافه، والذى تحدث عن الضحية والدموع فى عينيه، قائلًا: عادل كان محبوبًا بين الجيران، لم يُعرف عنه سوى الطيبة، وكان يعيش حياته ببساطة ويقضى وقت فراغه فى تربية الحمام على سطح منزله.
وأضاف أن عادل لم يكن طرفًا فى أى خلاف من قبل، وأن ما حدث له «ظلم فادح»، لا يجب أن يمر دون حساب، مؤكدًا أن القاتل معروف فى المنطقة بسوابقه وسلوكياته العدوانية.

مطالب الأسرة كانت واضحة: القصاص العادل، وإنزال أشد العقوبة بمن أنهى حياة عادل بلا ذنب، وحرّك مشهدًا مأساويًا لن يُمحى من ذاكرة الأب وأطفاله الصغار، مستطردين: «لن يريح قلوبنا سوى إعدام المتهم».


على الجانب الآخر، تحركت الأجهزة الأمنية بسرعة، وتمكنت من ضبط المتهم، وبالتحقيق معه تبين أنه أحد أطراف المشاجرة، وقد أطلق الرصاص من نافذة منزله بشكل عشوائي.
أمرت النيابة العامة بحبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث النهائية حول الواقعة، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية.

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found