19 زهرة رحلت على طريق الموت بالمنوفية.. ”ضحي” و”هدير” قصة كفاح انتهت عند رب البرية

في صباح يوم الجمعة خرجن مع أول إلان لضوء الشمس لا للفسحة أو الترفيه، بل من أجل لقمة عيش شريفة. لم يحملن سوى أحلامهن البسيطة التي تشبة ايديهم الصغيبرة وحقائب ملأتها اليساطة و الإرادة. وبدلًا من العودة إلى منازلهن آخر يومهم من العمل في الشمش الحارقة عدن محمولات على الأكتاف في نعوش بيضاء بعدما ابتلعهن طريق الموت الأقليمي سابق بمحافظة المنوفية.
دماء على الأسفلت.. 19 عروسًا إلى الجنة
وقع الحادث على الطريق الإقليمي في بالقرب من قرية طوخ دلكه التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية حين اصطدمت شاحنة وقود مسرعة تسير في الاتجاه العكسي بحافلة تقل 23 فتاة وسائقها، عائدين من مزرعة عنب. الحصيلة كانت كارثية: 19 حالة وفاة و4 إصابات خطيرة، والمشهد مروّع. أما السائق المتسبب فثبتت التحاليل تعاطيه للمواد المخدرة وترك طريقة ليتجة الي السير بالطريق العكسي ويصطدم بالمكروباص مرتكبا جريمتة البشعة ليكتب نهاية قصص كفاح ل19 فتاة مثلهم الملايين في مصر .. بين شهداء الكفاح ولقمة العيش .
"ضحي".. تفوقت في الإعدادية فزُفّت إلى السماء
ضحي احدي الفتيات الشهيدات ظهرت نتيجة الشهادة الإعدادية في ذات اليوم الذي رحلت فية وكانت "ضحي" من المتفوقين، لكن القدر لم يمنحها فرصة الاحتفال. خرجت صباحًا لمساعدة أهلها في العمل بمزرعة العنب على أمل أن تشتري أدوات دراستها المقبلة لكنها عادت جسدًا بلا روح. لم تنتظر المجد أو التصفيق، بل كانت زفافها هذه المرة إلى الجنة، شهيدة العرق والكفاح، وواحدة من بنات مصر اللاتي يُرفعن على الأعناق لا بالكلمات، بل بالمواقف.
"هدير".. الطالبة بنعومة القلب وشدة الإرادة
هدير واجدة من الشهيدات كانت طالبة في معهد التمريض، تذهب يوميًا للعمل في جني العنب مقابل 130 جنيهًا كي تساعد في مصاريف الدراسة. في يوم الحادث، قالت لها والدتها: "ارتاحي يا بنتي، النهاردة جمعة". لكن هدير أجابت بإصرار: "عايزة أحوش قرش لما الدراسة تبدأ يا أمي". كانت نوارة البيت، لا تقول إلا "نعم" و"حاضر". واليوم، فقدت أسرتها نبض المنزل، وبقيت صورها وذكراها تروي حكاية فتاة لم تطلب الكثير، فقط الأمان وكرامة العيش.
من هندسة لأمل العمل.. فتيات حملن الوطن على أكتافهن
من بين الفتيات من كانت طالبة في كلية الهندسة، وأخرى في الثانوية، وثالثة تخرجت حديثًا وتبحث عن فرصة عمل. كنّ يسعين لا لحلم كبير، بل لمصاريف الكتب والمواصلات وبعض الادخار. لم تكن رحلة الترف، بل رحلة كفاح يومي في الحر والتعب والظروف الصعبة.
غضب على السوشيال ميديا.. أين الأمان؟ أين العدالة؟
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي غضبًا وحزنًا، مطالبين بفتح تحقيق عاجل في وضع الطريق الإقليمي الذي وصفوه بـ"طريق الموت"، مؤكدين أن الحادث ليس الأول، فقد تكررت الحوادث بسبب إغلاق أحد الاتجاهين منذ عامين بدعوى الإصلاح، مما أجبر السائقين على السير عكس الاتجاه.
الحكومة تتحرك.. لكن هل يُعوّض الفقد؟
أعلنت الحكومة عن صرف مساعدات عاجلة لأهالي الضحايا، كما فتحت النيابة العامة تحقيقًا في الواقعة وأمرت بحبس سائق الشاحنة 4 أيام على ذمة التحقيق. لكن الجميع يدرك أن لا شيء يعوّض أمًا فقدت ابنتها، ولا أخًا كانت أخته سندًا له، ولا حلمًا قُتل على الأسفلت.