حوادث اليوم
الإثنين 14 يوليو 2025 02:16 مـ 19 محرّم 1447 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

جريمة الحي الشعبي.. حكاية فاطمة التي قتلها زوجها بسبب الفطار

جثة
جثة

في شقة بسيطة بحي الوراق الشعبي، كانت «فاطمة» تبدأ يومها كعادتها، تفتح النوافذ لتسمح للشمس بالدخول، تضع الغلاية على النار، وتستعد لتحضير الإفطار، لكنها في ذلك اليوم لم تكن على ما يرام، كانت مرهقة من اليوم السابق، وطلبت من زوجها أن ينتظر قليلًا، لم تكن تعلم أن كلمتها تلك ستكون شرارة النهاية، وأنها خلال ساعات قليلة ستفقد حياتها على يد من أقسم يومًا أن يكون سندًا لها.


دخل «حسن»، زوجها الذي يعمل في تجارة الخردة، غاضبًا، يتأفف من تأخر الإفطار، حيث سألها قائلًا: «هو أنا لازم أقول كل يوم عاوز أفطر؟»، فردّت «فاطمة» بهدوء: «أنا تعبانة شوية، وهعمله دلوقتي»، لكنه لم يسمع صوتها، بل سمع فقط رفضًا، وتمردًا، وإهانة لرجولته كما كان يعتقد، ليصرخ في وجهها، فردّت عليه لتدافع عن نفسها، فكانت أول صفعة بداية لسلسلة من الضرب والركل والصراخ.


الساعة كانت لا تزال صباحًا حين بدأ العنف، لكن الوقت توقف داخل تلك الشقة، ثلاث ساعات مرت كأنها دهر، حسن لم يتوقف، كأن الغضب سكن جسده بالكامل، وكأن يديه أصبحتا أداة انتقام لا تعرف الرحمة، «فاطمة» صرخت، توسلت، بكت، لكنها لم تنج منه، فقد كانت تحاول الهروب داخل بيتها، تمسك بجدرانه، تتقي الضرب بذراعيها، لكنه كان أسرع، وأقسى، وأشد.


في الخارج، سمع الجيران الأصوات، لكنهم اعتادوا شجارات البيت الصغير، قال أحدهم أمام رجال البحث الجنائي: «كنا بنسمع صوتهم كل فترة، بس كنا بنقول خلاص هيسكتوا زي كل مرة»، ولم نتخيل أن هذه المرة مختلفة، أن الصراخ سينتهي بجثة، وأن «فاطمة» لن تخرج لتشتري الخبز كما اعتادوا أن يروها كل صباح.


سكنت الأصوات، وعم الصمت، كانت «فاطمة» ملقاة على الأرض، وجهها عليه آثار الضرب، وعيناها مفتوحتان، تنظران إلى السقف في صدمة، لم تتحرك أو تتألم، فقط استسلمت، بينما جلس زوجها إلى جوارها، يتنفس بصعوبة، لا يدري ما حدث بالضبط، كأن الزمن عاد إليه فجأة ليدرك أنه أنهى حياة إنسانة كانت تشاركه حياته.


بعد وقت قصير، دخل الجيران ووجدوا المشهد، اتصل أحدهم بالشرطة، وهو لا يكاد يصدق ما رآه، لم يكن بين يديه سوى رقم الهاتف وكلمات مرتعشة: «الحقونا.. في جريمة قتل»، بعد وقت قصير حضرت قوة من الشرطة إلى المكان، ووجدت «فاطمة» بلا روح، والزوج لم يهرب، فقط يجلس كأن شيئًا لم يكن.


اقتادت الشرطة الزوج إلى القسم، وهناك حكى كل شيء، لم يُنكر، لم يحاول تبرير، فقط قال: «كانت بترد عليا.. وكنت غاضب»، ولم يكن لديه تفسير لما فعله، ولا كيف تحول غضبه إلى جريمة، قالها ببساطة كأنه يتحدث عن خلاف عابر، لا عن ثلاث ساعات من الضرب، ولا عن جسد هش انكسر تحت يديه.


نُقل جثمان «فاطمة» إلى المشرحة، في مشهد هزّ قلوب الجميع، الجيران تجمهروا أمام المنزل، البعض يبكي، والبعض الآخر لا يتحدث، فقد كانت «فاطمة» محبوبة، لا تؤذي أحدًا، تساعد جيرانها رحلت فجأة، وترك غيابها فراغًا لا يملؤه شيء، وصدمة لن تنسى.

موضوعات متعلقة

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found