مأساة في التجمع.. سائق ميكروباص ينهي حياة شاب بثلاث طعنات أمام المارة

لم يكن "عبد الرازق"، الشاب الثلاثيني المعروف بين جيرانه بـ"عبده اللول"، يعلم أن تدخله لفض مشادة كلامية بين سائق ميكروباص وفتاة داخل موقف التجمع الخامس، سيكلفه حياته غدرًا. دقائق قليلة كانت كفيلة بتحويل مشهد يومي عادي إلى جريمة دامية هزت المعادي والتجمع.
بداية القصة: رحلة عمل لم تكتمل
في يوم الجمعة، خرج "أبو تالا" من منزله في حي المعادي متوجهًا إلى مقر عمله كمشرف أمن في إحدى شركات العقارات. أدى صلاة الجمعة مع والده وشقيقه، ثم غادر في هدوء متمنيًا العودة سريعًا: "اتصل على زوجته وقال لها أنا جاي.. حضروا الغداء"، هكذا روت الأسرة لمحرري "مصراوي".
لكن الوعد لم يتحقق، وقبل أن يجلس على مائدة الطعام مع أسرته، انتهت حياته بطعنات غادرة.
المشادة التي أشعلت الموقف
داخل موقف التجمع الخامس، كان "أبو تالا" ينتظر الميكروباص كغيره من الركاب، لكن مشادة نشبت بين السائق وإحدى الفتيات حول أولوية الركوب. تطورت المشادة إلى ألفاظ غير لائقة وتحرش لفظي من السائق تجاه الفتاة.
لم يتحمل "عبد الرازق" الموقف، فعاتب السائق قائلاً: "دي واحدة ست.. مينفعش تتشتم كده".
لكن بدلاً من الاعتذار، استشاط السائق غضبًا، ليتحول الموقف إلى عراك دموي.
الطعنات القاتلة أمام الجميع
استعان السائق بعدد من معارفه لنصرته ضد "أبو تالا" وصديقه، وسرعان ما تطور الأمر لاستخدام السلاح الأبيض.
وفي لحظة مأساوية، تلقى الشاب ثلاث طعنات قاتلة في الرقبة والوجه والرأس، أسقطته جثة هامدة وسط ذهول الركاب الذين لم يتدخلوا لإنقاذه.
قلق العائلة وانهيار الصدمة
مرت ساعة كاملة على غيابه وعدم رده على الاتصالات، لتزداد مخاوف الأسرة: "كان لسه مكلمنا من نص ساعة وقال إنه جاي يتغدى معانا زي كل جمعة".
المكالمة الصادمة جاءت إلى شقيقه الأصغر "أحمد"، الذي أُبلغ بأن شقيقه تعرض لحادث غامض وعليه التوجه فورًا إلى المستشفى.
لكن بدلاً من الاطمئنان، تلقت العائلة الخبر المفجع: "رحنا لقينا ابننا في المشرحة مقتول".
أم ثكلى وطفلة يتيمة
الصدمة الكبرى كانت للأم التي أطلقت صرخات مدوية فور تلقيها الخبر، وهي تستذكر ابنها الذي كان يحنو عليها دومًا:"كان بييجي آخر الليل يقولي يا أمي عايزة حاجة؟.. ويجيب لي كل اللي أطلبه".
أما زوجته، فلم تكمل عامًا واحدًا معه، تاركةً طفلة رضيعة "تالا" لم تر والدها سوى ثلاثين ليلة فقط قبل أن تُحرم منه للأبد.
الأم لا تطلب سوى القصاص: "زي ما قتلوا ابني يتقتلوا.. عايزة إعدام عشان نار قلبي تبرد".
نهاية حزينة لبداية قصيرة
رحل "عبد الرازق" تاركًا خلفه زوجة مكلومة، وطفلة يتيمة، وأمًا ثكلى، وجيرانًا يتذكرونه بمواقفه النبيلة.
لم يعش فرحته الكاملة بابنته ولا بحياته الزوجية، لكنه سيظل حاضرًا في ذاكرة أسرته كرمز للشهامة والدفاع عن المظلوم.