حوادث اليوم
الخميس 25 أبريل 2024 07:40 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

«حلاوتهم» وعائلتها في الضياع بعد مشكلة مع الجيران

سيدة خلف القضبان - تعبيرية
سيدة خلف القضبان - تعبيرية

«حلاوتهم» وعائلة الضياع «لحظات قاتلة شعرت خلالها بالندم بعدما فرّقت أسوار السجون بينى وبين أشقائى بعدما تسببت دون قصد فى القضاء على مستقبل الأسرة الجميلة والصغيرة بسبب كراهية الجيران لنا.. ومحاولاتهم المتكررة بلا توقف فى التطاول علينا.. وبعدما فاض بى الكيل جمعت أشقائى وجلست معهم ندبر إحدى الحيل الشيطانية للتخلص من تجاوزات الجيران معنا حتى تسلل بيننا الشيطان وأقنعنا بارتكاب جريمة قتل بشعة ساقت أقدامنا جميعا إلى رحلة طويلة لم تنته خلف الأسوار».. السطور السابقة جاءت على لسان حلاوتهم إحدى نزيلات سجن النساء بالقناطر الخيرية

اسرة حلاوتهم

جلست حلاوتهم تروى الظروف التى أمضت بسببها رحلة طويلة هى وأشقاؤها خلف الأسوار بصوت تستقطعه الدموع الحزينة والغزيرة. وقالت اسمى «حلاوتهم ع -ع » فى بداية العقد الثالث من عمري.. نشأت داخل منزل ريفى بسيط على العادات والتقاليد الشرقية وسط أسرة تتصارع مع الفقر الذى ورثه والدى عن أجداده بلا أى محاولات للتغيير. والذى كان يعمل نجارا ولطبيعة عمله يعتمد دائماً على قوة ذراعيه وعقله.. كنت الابنة الوسطى لشقيقين.. ولأننى كنت البنت الوحيدة فى المنزل فكنت أحصد قدرا وفيرا من حنان وعطف والدى اللذين لم يبخلا عنى بشيء.. كنت أفهم ما يدور من حوالى ولكن بعقلية الأطفال الصغار.

الام وأبنائها والجيران

. وعلى مدى الأيام التى كنت أجلس أوقاتاً طويلة فى المنزل رأيت والدتى تحبس العديد من طلباتها حتى تستطيع توفير احتياجاتى أنا وأشقائي.. راحت أمى تعلمنى مبادئ التسامح والصبر وأتذكر أن كلماتها دائما معى كانت ممزوجة بالعديد من الأمثال الشعبية أملا منها فى أن أكرر صورتها فيما بعد ولكننى لم تعجبنى عدة أشياء وردود أفعال كثيرة كانت تصدر عن أمي.. فكنت لا أطيق النظر فى وجهها عندما يتشاجر معها الجيران وتسرع بغلق الباب علينا بينما تقف إحدى السيدات تلقى نحوها بالشتائم المخلة بالألفاظ البذيئة وهى لا ترد.. وعندما كنت أتحدث معها اكشف لها عن ثورة الغليان الموجودة بداخلى بسبب تلك المواقف لكنها دائما كانت تحثنى على تجنب الشرور

حادث بشع

وتؤكد لى بأن طريق الشر لا يوجد أقصر منه وأنها تخاف على والدى وأشقائى من السقوط فى طرق الشيطان الذى يعشق الجريمة بشتى طرقها.. المهم بدأت أتعلم بعض المصطلحات منها ليس بدافع الرغبة فى ذلك ولكن لأننى مضطرة فهى أمى ويجب أن استمع إلى كلماتها جيدا بلا مناقشة وبدأت أقلدها فى احتباس بعض طلباتى الشخصية لأننى أدركت ما كنت أغفل عنه فى حياة أسرتى ووالدى الذى كان يدفع بصحته وعافيته فى عمله من أجل توفير لقمة العيش المناسبة لنا.. بدأت والدتى فى إعدادى جيدا داخل المطبخ حيث كثفت جهودها معى أملا منها فى أن أصبح «ست بيت» ممتازة وأتفوق عليها بدرجات.. مرت الأيام القليلة ومن ورائها الشهور والسنوات حتى فوجئت بأحد شباب القرية يتقدم لخطبتى كلماته الرقيقة لم تجعل لى مجالا للرفض ولكن وجدت والدى يرحب به كثيرا ووالدتى هى الأخرى تبارك لي.

. وتخيلت نفسى أرتدى فستان الزفاف الأبيض فى ليلة من أجمل ليالى العمر.. و لكن القدر راح يكشر لى عن أنيابه ويتظاهر معى بالقسوة الشديدة المصحوبة بالعنف حيث كان والدى يصطحب والدتى لزيارة أحد الأقارب ولقيا مصرعهما فى إحدى حوادث الطرق.. كانت الصدمة علينا شديدة وسقطت فوق رءوسنا كالبركان الذى اندثرت بداخله كل الأحاسيس. وشيئا فشيئا نجحت مع اشقائى فى العودة إلى حالتنا الطبيعية قبل وفاتهما وأقنعنا أنفسنا بأن هذا ما سجله القدر وأراده لنا.. وقررت أن أظل فى خدمة أشقائى وتعهدت بعدم مفارقتهم أبداً.. ولم يدر بخلدى أن الأيام تخبئ لنا المصائب التى سوف تحطم أحلامنا الوردية التى كنا نرغب فى تحقيقها.. وفى إحدى المرات استيقظت من نومى على صوت جارتى وهى تكيل بالشتائم لى على أشياء لم ارتكبها فخرجت لها فى منظر والدتى ورحت أهدئ من روعها وأطلب منها العفو والتسامح وأذكرها بأننا جيران وأكثر من الأهل والأقارب..

الجارة الشتامة والشيطان

اعتقدت أن كلماتى هذه كان لها أثر طيب لديها.. لكننى اكتشفت أنه لم يكن لها سوى بريق مزيف ساعد جارتى على التمادى فى الأخطاء والشتائم القذرة نحوى بسبب وبدون.. حتى اشتطت منها غيظا فى إحدى المرات وخرجت إليها وبادلتها الشتائم والسباب حتى أجبرها على الكف عن تجاوزاتها.. ولكن أشعلت كلماتى حدة الخلاف ونشبت بيننا مشادة كلامية تطورت حتى وصلت إلى الالتحام بالأيدى وتبادل الضربات واللكمات ولولا تدخل الجيران يومها لحدثت كارثة محققة.. وبعد مرور عدة أيام عاودت جارتى الحكاية من جديد بلا أى قيود.. وكنت أعانى من تصرفاتها اللاأخلاقية ولأننى كنت دائما مقيمة فى المنزل فكانت تظهر على وجهى علامات الضيق والحزن حتى اقترب منى أحد أشقائى وسألنى عما يغضبنى فأجبته لا شيء ولكن تحت إلحاحه الشديد أجبرنى أن أسرد له تجاوزات جارتى التى لم تضع حدا لخلافاتها. وجلسنا نحن الثلاثة أشقاء نتبادل أطراف الحوار بيننا محاولين وضع نهاية للخلافات.

الشيطان يغوي عائلة حلاوتهم

. تدخل بيننا الشيطان وأدار بنا عجلة الأيام التى أعادتنا إلى أكثر من 10 أعوام حيث تذكرنا منظر الجيران وهم يتشاجرون مع والدتى التى كانت تخاف على والدى من الضياع.. وكانت تحجب عنه المشاحنات وتغلق على نفسها الباب.. واتفقنا على تلقينهم «علقة ساخنة» لردعهم. وجاءت اللحظة القاتلة التى تسببت فى ضياعنا جميعا وإنهاء ذكرى الأسرة الجميلة حيث فوجئت بجارتى خرجت تحمل فى يدها «جركن» مليئاً بكمية من مياه الصرف وقامت برشها أمام باب المنزل فقمت بمعاقبتها لكنها ألقت نحوى بعض الشتائم القذرة.. وعلى الفور اشتبكت معها واطلقت عدة صرخات متتالية تجمع عليها أشقائى وفى مشاجرة عنيفة استخدمت فيها الأسلحة البيضاء تبادل أشقائى الضربات مع الجيران فى مشهد دموى انتهى بجريمة قتل وبعد القبض علينا تم عرضنا على النيابة التى أحالتنا إلى محكمة الجنايات لتقضى علينا بالمؤبد.. وها أنا أندب حظى وحظ أشقائى من خلف الأسوار ولكن بعد فوات الأوان. وأضافت حلاوتهم أن السنوات إذا عادت إلى الوراء سوف تقوم بالاستماع لنصائح والدتها التى حاولت مرارا وتكرارا تعليمها الصبر. وكشفت عن رغبتها وأملها الوحيدين فى الحياة وهو أن ترى شقيقها الأصغر «سيد» وتحتضنه حتى تعوض ما فاتها من سنوات العمر بصحبة شقيقها داخل السجون .

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found