وفاة الحاجة جمالات أثناء الحج في مكة.. قصة وفاء وشوق دامت 20 عامًا وانتهت بحسن الخاتمة أمام الكعبة

في مشهد مؤثر يهز القلوب ويبعث في النفوس معاني الإيمان والوفاء- توفيت الحاجة المصرية جمالات أثناء أدائها مناسك الحج في مكة المكرمة، بعد رحلة طويلة من الانتظار والتجهيز دامت أكثر من عشرين عامًا، كانت تحلم خلالها بأن تؤدي الركن الخامس من أركان الإسلام بصحبة شقيقتها سعاد.
توفير مصاريف الحج لها ولشقيقتها التي كانت تعاني من مشاكل صحية وتحتاج إلى مرافقتها
الحاجة جمالات، وهي من أبناء محافظة مصرية ريفية بسيطة، عاشت سنوات من الكفاح لتوفير مصاريف الحج لها ولشقيقتها التي كانت تعاني من مشاكل صحية وتحتاج إلى مرافقتها بشكل دائم. ورغم عدم اختيارهما في قرعة الحج هذا العام، شاء القدر أن يُكتب لهما السفر بعد اعتذار اثنين من الحجاج، في لحظة وصفتها العائلة بأنها "معجزة من الله" بعد طول انتظار.
كانت تدعو قبل نومها الله أن يتوفاها في هذه الأرض الطاهرة
وفي اليوم الخامس من وصولهما إلى الأراضي المقدسة، وبينما كانت جمالات نائمة بجوار شقيقتها سعاد داخل غرفتهما في سكن الحجاج، فاضت روحها إلى بارئها بهدوء وسكينة. استيقظت سعاد لتجد شقيقتها قد فارقت الحياة، في لحظة وصفتها بالصدمة التي لا تُنسى، خاصة أن جمالات كانت قبل نومها تدعو الله أن يتوفاها في هذه الأرض الطاهرة.
أوصت بدفنها في مكة
وكانت جمالات قد أوصت أهلها بوضوح: "لو مت في الحج، ادفنوني في مكة.. ده حلم حياتي". وبالفعل، تحقق لها ما أرادت، وتم دفنها في مكة المكرمة، كما شاءت، ليختتم الله رحلتها الطويلة بخاتمة يحلم بها كل مؤمن، وهي الوفاة أثناء أداء المناسك في أطهر بقاع الأرض.
بعثة الحج تقنع شقيقتها بأستكمال مناسك الحج
شقيقتها سعاد، التي كانت تعتمد كثيرًا على جمالات في حركتها اليومية، تأثرت بشدة بفقدانها، ورفضت في البداية استكمال مناسك الحج، إذ شعرت بأن الرحلة فقدت معناها برحيل رفيقة العمر، غير أن بعثة الحج المصرية والمرافقين أقنعوها بأن إكمال المناسك سيكون خير وفاء لأختها التي وهبت حياتها لأجل هذا الحلم.
وفاة الحاجة جمالات في مكة ليست مجرد حدث عابر، بل قصة إنسانية تلخّص معاني التضحية والإخلاص واليقين، وتبقى في الذاكرة نموذجًا نادرًا لحسن الخاتمة التي يطلبها المؤمنون، إذ قضت آخر أيامها في طاعة، وآخر أنفاسها في أرض اختارها الله بيتًا له في الأرض. رحم الله الحاجة جمالات، وأسكنها فسيح جناته، وألهم شقيقتها وأهلها الصبر والسكينة.