مأساة إنسانية في دارفور: غارة جوية تحوِّل سوق بادية الزرق إلى مقبرة للمدنيين

لم يكن يوم الخميس 2 أكتوبر 2025 يومًا عاديًا لسكان قرية بادية الزرق بولاية شمال دارفور. السوق الشعبي الذي كان يضج بالحياة، بأصوات النساء يساومن على أسعار الخضروات، والأطفال يلهون بين الأكشاك المبنية بالقش، تحوّل في لحظات إلى ساحة موت ودمار بعد غارة جوية استهدفته بلا رحمة، تاركة عشرات الجثث والجرحى تحت الأنقاض.
لحظة الرعب
بحسب شهادات الأهالي، لم يكن هناك أي تواجد عسكري في السوق، بل كان المكان مزدحمًا بالباعة والمتسوقين. فجأة، دوى صوت الطائرات المسيّرة، ثم انهمرت الصواريخ فوق الأكشاك الهشة. النساء والأطفال كانوا أول الضحايا، وتحوّل المشهد في دقائق إلى صرخات، جثث ممزقة، وبقايا محلات احترقت بالكامل.
قال أحد الناجين وهو يبكي:
"كنا نشتري حاجيات البيت، وفجأة وقع القصف. الناس تفرقت، الأطفال كانوا يصرخون، السوق كله انهار علينا. لم يكن هناك أي جيش، فقط نحن المدنيين."
إدانات واسعة واتهامات مباشرة
-
حكومة تحالف السودان التأسيسي وصفت ما جرى بأنه "مجزرة وجريمة إبادة جماعية"، واتهمت الجيش السوداني باستخدام طائرات مسيّرة تركية من طراز "أكانجي".
-
في بيان رسمي، أكدت الحكومة أن هذه الجرائم تستهدف المدنيين عمدًا، وتعهّدت بملاحقة المسؤولين قانونيًا، بما في ذلك شركة بايكار التركية المصنعة للمسيّرات.
-
من جهته، أدان المرصد السوداني لحقوق الإنسان القصف، معتبرًا أنه انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر الهجمات العشوائية على المناطق المدنية.
السوق الذي أصبح أطلالًا
سوق بادية الزرق لم يكن مجرد مكان للبيع والشراء، بل كان ملتقى لمجتمعات مختلفة من شمال دارفور. بعد القصف، لم يتبق شيء:
-
الأكشاك المصنوعة من القش احترقت.
-
عشرات الجثث انتُشلت من تحت الركام.
-
الباعة فقدوا رزقهم، والعائلات فقدت أحبّتها.
المدنيون يدفعون الثمن
تأتي هذه المجزرة ضمن سلسلة من الهجمات العشوائية التي شهدتها دارفور وكردفان، والتي أكدت الأمم المتحدة أن المدنيين فيها هم الضحية الأولى. ومع استمرار النزاع، يتحول المواطن البسيط إلى وقود حرب لا يشارك فيها، لكنه يدفع ثمنها بدمائه وأمانه.
جريمة حرب مكتملة الأركان
المنظمات الحقوقية الدولية والجهات المحلية أجمعوا أن ما حدث في سوق بادية الزرق يرقى إلى مستوى جريمة حرب، بل و"تطهير عرقي" متعمّد ضد مجموعات سكانية بعينها. وطُرحت مطالب عاجلة بفتح تحقيق دولي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.