الغيرة تقتل.. سائق يذبح زميله داخل السيارة أمام زوجته وزوجة صاحب الشركة

لم يكن صباح ذلك اليوم مختلفًا عن غيره بالنسبة إلى محمود أحمد جلال، السائق الطيب المعروف بابتسامته وهدوئه بين زملائه.
استيقظ مبكرًا كعادته، توضأ وصلى، ثم ألقى نظرة حانية على زوجته وطفليه قبل أن يغادر منزله، متمنيًا أن يعود آخر النهار برزقٍ حلال يبارك الله فيه.
لكن القدر كان يخبئ له فصلًا حزينًا من الحكاية، تُكتب نهايته على طريق أسيوط الجديدة، حيث سقط ضحية لغدر زميلٍ لم يعرف للضمير طريقًا.
رجل عاش بالحلال ومات عليه
كان محمود خريج كلية أصول الدين، إلا أن صعوبات الحياة دفعته للعمل سائقًا في شركة خاصة، ولم يتذمر يومًا.
كان يردد دائمًا: “الحلال رزق والمهم أعيش رافع راسي”.
أحبه الجميع لدماثة خلقه وأمانته، فلم يعرف عنه أحد إلا الخير والهدوء، بينما زميله في العمل محمد عصام شوقي كان على النقيض تمامًا.
زميل العمل.. قناع الطيبة الزائف
كان محمد عصام، شابًا في الثلاثينيات، سيئ السمعة بين العمال، معروفًا بتعاطي المخدرات وسوء السلوك، ولم يكن يلتزم بعمله أو يحترم زملاءه.
ورغم كل ذلك، لم يكن محمود يعامله إلا بالنصح واللين، محاولًا إصلاحه بالحسنى، لكنه لم يكن يعلم أن نصيحته ستُشعل في قلب زميله نار الحقد والكراهية.
بداية الخلاف.. كلمة “أمانة” فتحت باب الغدر
بدأت الأزمة عندما اكتشف محمود أن “محمد” يسرق أدوات الشركة.
لم يفضحه أمام الإدارة، بل واجهه بهدوء قائلاً: “يا محمد.. خلي بالك، الحرام ما بيدومش، وربنا كبير.”
لكن “محمد” استقبل النصيحة بغضب مكتوم، واعتبرها إهانة أمام زملائه. وبعد أيام، حين علم صاحب الشركة بالأمر، قرر فصل محمد من العمل، بعد شهادة محمود ضده.
توسلات الزوجة وإعادة الجاني للعمل
لم تقف زوجة “محمد” مكتوفة الأيدي، فذهبت إلى صاحب الشركة، حيث كانت تعمل خادمة لديه، وتوسلت إليه أن يُعيد زوجها للعمل.
وبعد إلحاحها المتواصل، وافق صاحب الشركة على طلبها، فعاد “محمد” إلى العمل، لكن بنية الانتقام من زميله الذي تسبب في فصله.
رحلة إلى الموت
في صباح أحد الأيام، كان محمود مكلفًا برحلة إلى القاهرة بسيارة الشركة، وبرفقته “محمد عصام”، وزوجة صاحب الشركة، وزوجة الجاني.
سار الطريق بهدوء، إلا أن الهدوء كان يخفي وراءه عاصفة من الحقد والنية المبيتة للقتل.
وعند العودة إلى أسيوط الجديدة، وبينما السيارة تقترب من مدخل قرية المعصرة، أخرج “محمد” سكينًا كان يخفيها بين طيات ملابسه، وانقضّ على محمود، وذبحه من رقبته في لحظة غدر.
مشهد الدم والرعب
اختنق صوت محمود وهو يحاول التقاط أنفاسه الأخيرة، فيما غمرت الدماء المقعد والمقود، وانحرفت السيارة فجأة عن الطريق.
تعالت صرخات السيدتين في الخلف، وتحول المشهد إلى فوضى من الرعب والدماء، بينما الجاني يقفز من السيارة ويفرّ هاربًا، تاركًا وراءه مأساة تفطر القلوب.
تدخل الأهالي وتحقيقات المباحث
أسرع الأهالي إلى مكان الحادث بعد سماع صرخات الاستغاثة، ليجدوا محمود غارقًا في دمائه داخل السيارة.
تم إخطار الأجهزة الأمنية، وانتقلت قوة من الشرطة إلى موقع الجريمة.
وبالفحص، تبين أن الجثة تعود إلى السائق محمود أحمد جلال (38 عامًا)، وأن القاتل هو زميله محمد عصام شوقي، كما أصيبت زوجة الجاني أثناء الحادث.
تم تحديد هوية المتهم بالكامل، وتكثيف الجهود لضبطه بعد فراره.
وداع القلب الطيب
في مشهدٍ يقطّع القلوب، ودّعت أسرة محمود جثمانه بالدموع والدعاء، وسط حالة من الصدمة بين أهالي المنطقة.
خرجت الجنازة مهيبة وحزينة، وارتفعت الأصوات بالدعاء والاحتساب: “حسبي الله ونعم الوكيل.. كان راجل أمين ومظلوم.”
رحل “محمود” تاركًا خلفه قصة رجل بسيط عاش بالحلال ومات غدرًا، ليبقى اسمه شاهدًا على نهاية مؤلمة لرجلٍ لم يعرف في حياته سوى الصدق والأمانة.