هنيبعل القذافي يخرج من السجن بعد عقد من الغموض.. كفالة خيالية تهز الرأي العام اللبناني
بعد عشر سنوات من الاحتجاز في لبنان، قرر القاضي زاهر حمادة إخلاء سبيل هنيبعل القذافي مقابل كفالة مالية بلغت 11 مليون دولار، في خطوة مفاجئة فجّرت جدلاً واسعًا حول العدالة والسياسة وملف الإمام موسى الصدر.
بعد 10 سنوات خلف القضبان.. القذافي الابن يقترب من الحرية
في خطوة غير متوقعة، أصدر القاضي اللبناني زاهر حمادة قرارًا مثيرًا يقضي بإخلاء سبيل هنيبعل القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، مقابل كفالة مالية ضخمة بلغت 11 مليون دولار، مع منعه من مغادرة الأراضي اللبنانية.
القرار الذي جاء بعد عقد كامل من السجن الغامض والاتهامات المتشابكة، اعتُبر من أكثر القرارات إثارة للجدل في الأوساط القضائية والإعلامية، خاصة أن المتهم لم يخضع لمحاكمة فعلية منذ اعتقاله في عام 2015.

دفاع هنيبعل: “كيف يدفع من لا يملك؟”
فريق الدفاع عن هنيبعل القذافي سارع إلى الاعتراض على حجم الكفالة، مؤكدًا أن موكلهم لا يمتلك أي أموال حرة التصرف، وأن كل أمواله مجمدة منذ عام 2012 بسبب العقوبات الدولية المفروضة على عائلة القذافي.
وقال الفريق في بيان رسمي:
"هنيبعل معتقل تعسفيًا منذ عشر سنوات، ولا يملك الوسائل المادية أو القانونية لدفع كفالة بهذا الحجم، بينما معظم أشقائه رفعوا العقوبات عن أموالهم، هو لا يزال رهينة سياسية في لبنان".
خلف الكواليس: من سوريا إلى الزنزانة اللبنانية
تعود فصول القضية إلى ديسمبر 2015، عندما جرى استدراج هنيبعل القذافي من سوريا إلى لبنان في عملية وصفتها عائلته بأنها "اختطاف منظم".
وبعد توقيفه، أعلنت السلطات اللبنانية أن الهدف هو الحصول على معلومات حول مصير الإمام موسى الصدر ورفيقيه، الذين اختفوا في ليبيا عام 1978.
لكن المفارقة أن هنيبعل كان طفلًا لم يتجاوز العامين من عمره حين وقعت الحادثة، ما جعل اتهامه بـ“كتم معلومات” مثيرًا للدهشة داخل الأوساط الحقوقية.
احتجاز طويل دون محاكمة
طوال السنوات الماضية، بقي هنيبعل القذافي محتجزًا في مديرية قوى الأمن الداخلي في بيروت دون صدور حكم نهائي بحقه، ما دفع منظمات دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إلى المطالبة بإطلاق سراحه فورًا.
وأكد محاموه أنه تعرض لمعاملة قاسية داخل السجن، وأن استمرار احتجازه رغم غياب الأدلة أو المحاكمة يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
قضية الإمام موسى الصدر.. الشبح الذي يلاحق ليبيا

تُعد قضية اختفاء الإمام موسى الصدر واحدة من أكثر الملفات غموضًا في التاريخ الحديث للبنان، إذ اختفى مع الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين خلال زيارة رسمية إلى ليبيا في عهد القذافي عام 1978.
ورغم مرور أكثر من 45 عامًا، لا تزال القضية مفتوحة سياسيًا وقضائيًا، وتُلقي بظلالها على العلاقات اللبنانية – الليبية حتى اليوم.
قراءة سياسية: هل يفتح القرار صفحة جديدة بين بيروت وطرابلس؟
يرى مراقبون أن قرار إخلاء سبيل هنيبعل القذافي قد يكون محاولة لتهدئة ملف قضائي شائك ظل عالقًا لعقد من الزمان، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام أسئلة محرجة حول استقلال القضاء اللبناني وتأثير السياسة في مسار العدالة.
ويعتقد محللون أن الكفالة المالية الضخمة ليست سوى مخرج قانوني لتخفيف الضغط الدولي والحقوقي، دون أن يُغلق ملف الإمام موسى الصدر بشكل نهائي.
رسالة سياسية أم خطوة قانونية؟
يقرأ خبراء الملف اللبناني – الليبي هذا القرار على أنه أبعد من مجرد إجراء قضائي، مشيرين إلى أنه يحمل رسائل متعددة الاتجاهات:
فمن جهة، يسعى لبنان إلى إظهار استقلالية قضائه أمام الانتقادات الدولية، ومن جهة أخرى، يحاول تجنب أزمة دبلوماسية جديدة مع ليبيا، خصوصًا في ظل تقارب سياسي بين الحكومتين خلال الأشهر الأخيرة.
ويرى البعض أن الإفراج المشروط عن هنيبعل القذافي قد يكون مقدمة لتفاهم أوسع بين البلدين حول تسوية ملف الإمام الصدر، وربما بوابة لطي صفحة مظلمة امتدت لأكثر من أربعة عقود من الشكوك والاتهامات.















