من الغربة إلى المقبرة.. جزار يُقتل على يد أقرب الناس إليه

في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وداخل منزل بسيط لا يختلف كثيرًا عن بيوت الفلاحين الطيبين، عاش "حُسني"، جزار في منتصف الثلاثينات من عمره، حياةً مليئة بالتعب والكدّ، لا يحمل في قلبه سوى حب أسرته وسعيه لتأمين مستقبل أفضل لهم. لم يكن يعلم أن السكين التي طالما ذبح بها الأضاحي، ستصبح مصيره على يد أقرب الناس إليه.
البداية.. زواج هادئ وسفر من أجل الرزق
قبل سنوات، وبالتحديد في 2017، قرر "حُسني" أن يكوّن أسرة. رشح له أحد أقاربه فتاة تُدعى "نيرة"، تكبرها الحياة ولا يتجاوز عمرها الثلاثين. تقدم لخطبتها، وتم الزواج سريعًا، لتبدأ حياتهما الزوجية المستقرة داخل قرية صغيرة بمركز كفر الشيخ.
كان يعمل في النهار جزارًا، وفي الليل سائقًا بسيطًا، يكافح من أجل توفير لقمة العيش. لكن طموحه دفعه للسفر إلى لبنان، يعمل هناك عشرة أشهر كل عام، ويعود لأسرته شهرين فقط. كان يحمل الهدايا والمال والاشتياق، لكنه لم يكن يعلم أن في غيابه يتسلل الخطر إلى عقر داره.
الخيانة تتسلل إلى البيت
في أواخر عام 2019، بدأ الغياب يترك أثره في قلب الزوجة. تعرفت "نيرة" على شاب يُدعى "علاء الدين"، عامل في أحد المخابز. نظرات، فابتسامات، فكلام، ثم علاقات آثمة داخل بيت كان يجب أن يكون مأمنًا للشرف.
لم تكن نزوة عابرة، بل خيانة مكتملة الأركان استمرت سنوات. عادت نيرة تطلب الطلاق، لكنه رفض. لم يفهم لماذا تتغير وتبتعد، ولا يدري أن الشيطان صار ثالثها هي وعشيقها.
محاولة قتل فاشلة.. ثم قرار بالموت
بعدما عاد "حُسني" إلى مصر نهائيًا، بدأ يشك في زوجته، يراقب تصرفاتها، ويسأل نفسه كل ليلة عن تغيرها. أما هي، فقررت إنهاء كل شيء بطريقتها.
مرتين حاولت دسّ السم في طعامه، لكنه نجا. شعر بطعم غريب في الطعام، فامتنع. عندها، لم تجد سوى سلاح التهديد لعشيقها: "إما تخلصني منه.. أو خلّي كل حاجة تنتهي بينّا".
رضخ "علاء الدين" تحت الضغط، واشترى سكينًا تُستخدم في الذبح، ودفنها تحت شجرة، في انتظار لحظة التنفيذ.
ليلة الوقفة.. والطعنة الأخيرة
في ليلة وقفة عيد الفطر عام 2022، عاد "حُسني" منهكًا من ذبح الأضاحي. دخل بيته مجهدًا لا يشتهي طعامًا ولا كلامًا. هنا، تحركت "نيرة" بسرعة، واتصلت بعشيقها وأبلغته: "رجع البيت ومرهق.. الوقت مناسب".
جاء "علاء" متظاهرًا بحاجة لتوصيلة إلى قرية مجاورة، فتردّد "حُسني"، لكن الزوجة ألحّت عليه. أخيرًا خرج، لا يعلم أن هذه هي الرحلة الأخيرة.
في الطريق، طلب العشيق أن يسلكا ممشى ترابيًا بين الأراضي الزراعية، حيث الظلام يسود. وهناك، باغته بطعنات نافذة، إحداها في القلب، أودت بحياته. سقط الجزار صريعًا، ولم يعد أبدًا.
الجريمة تنكشف.. والعدالة تبدأ
في صباح اليوم التالي، عثر أحد الأهالي على الجثة. استدعيت الشرطة، وبدأت خيوط الحكاية تتكشف سريعًا. تحريات المباحث توصلت إلى الزوجة وعشيقها. تم ضبطهما، وبمواجهتهما، انهارا واعترفا بكل شيء: الخيانة، محاولات التسميم، والتخطيط لجريمة القتل.
الإحالة إلى المفتي.. وحكم العدالة
أحالتهما النيابة إلى محكمة جنايات كفر الشيخ، التي قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي في إعدامهما، بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار.
وهكذا انتهت حكاية "حُسني".. رجل عاش عمره طيبًا، ومات على يد من عاش من أجلهم. خانته زوجته، وغدر به عشيقها، لتتحول قصة كفاح إلى واحدة من أبشع الجرائم الأسرية التي لن تُنسى في كفر الشيخ.