فيديو هدير عبد الرازق.. حين تتحول الفضائح إلى وقود للترافيك

لم تمر سوى ساعات قليلة على تسريب مقطع جديد منسوب للبلوجر هدير عبد الرازق، حتى أصبح اسمها حديث السوشيال ميديا، يتنقل بين الصفحات كالنار في الهشيم. آلاف، بل عشرات الآلاف، اندفعوا للبحث، بعضهم بدافع الفضول، وآخرون تحت شعار: "عايز أعرف إيه اللي حصل".
لكن الحقيقة أن القصة ليست عن الفيديو بقدر ما هي عن اللعنة التي تحكم الإعلام الجديد.. لعنة اسمها "الترافيك".
الترافيك الذي يحوّل المآسي والفضائح إلى سباق على المشاهدات، وكأن محركات البحث نفسها تقول بلسان سعيد صالح: "طبق الأصل العلقة اللي فاتت".
الترافيك.. السيد الجديد للإعلام
منذ أن تسلل هذا الضيف المسموم إلى الصحافة، صار بعض أهل المهنة يحاسبون محرريهم بالنقرات لا بالانفرادات، وباللايكات لا بالمعايير المهنية.
تتحول قاعة الأخبار إلى ساحة مطبخ كبير، لا أحد يسأل عن الطعم أو القيمة، المهم أن الدسم حاضر، وأن الرقم على الشاشة يزداد.
ولعل المشهد يشبه جملة ميمي شكيب في فيلم 30 يوم في السجن حين تردد بجشع: "وماله يا مدحت ما دام هيزود الإيراد"، لكن الإيراد هنا ليس مالًا مباشرًا، بل زيارات ومشاهدات قد تتحول بدورها إلى إعلانات وأموال.
هوس المشاهدة.. من هدير إلى هوليوود
هذا الجنون لم يبدأ عندنا، ولم ينتهِ عند فيديو هدير عبد الرازق.
قبل سنوات شاهدت فيلمًا أمريكيًا اسمه The Condemned (2007)، بطولة المصارع ستيف أوستن. للوهلة الأولى فيلم أكشن عادي، لكنه في جوهره درس مرعب عن شهوة المشاهدة.
مخرج جشع يقرر إنتاج برنامج واقعي، يجمع فيه عشرة من أخطر المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام، يلقيهم في جزيرة، ويجعل القاعدة واضحة: القتال حتى الموت مقابل الحرية.
ولضمان المشاهدة، يزرع قنابل في أقدامهم حتى لا يهربوا، ثم يطلق بث البرنامج عبر الإنترنت.
في الدقائق الأولى، تحقق المنصة 5 ملايين مشاهدة، وبنهاية اليوم يصل العدد إلى 40 مليون. كل ذلك على جثث تتساقط أمام الكاميرا، وكل ذلك بدافع "الترفيه".