حوادث اليوم
الإثنين 6 أكتوبر 2025 07:18 مـ 14 ربيع آخر 1447 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

جريمة وراء المقود.. اعترافات ووقائع تروي قصة التخلص من سائق على يد زميله

جثة
جثة

لم يكن صباح ذلك اليوم مختلفًا في ظاهر الأمر، لكن في تفاصيله الصغيرة كانت قصة رجل طيب القلب تُروى... محمود أحمد جلال، السائق الهادئ الذي اعتاد الجميع على ابتسامته الدافئة وصفاء روحه.

استيقظ مبكرًا بنقاء القلب، توضأ وصلى بخشوع، ثم ألقى نظرة مليئة بالحب والحنان على زوجته وطفليه، كأنها لحظة وداع مفعمة بالأمل والسلام، قبل أن يغادر منزله ليبدأ يومه العادي الذي لا يعلم ما يخبئه له القدر.

الرضا والحمد

خرج محمود إلى عمله كعادته، لا يحمل في قلبه إلا الرضا، ولا في ذهنه سوى فكرة واحدة “أن يعود آخر النهار برزقٍ حلال لبيته الصغير”، لكن القدر كان يخبئ له فصلًا مأساويًا من الحكاية، تُكتب فيه النهاية على طريق أسيوط الجديدة.

رجل بسيط.. عاش بالحلال ومات عليه

كان محمود خريج كلية أصول الدين، لكن قسوة الحياة قادته إلى العمل سائقًا في إحدى الشركات الخاصة، ولم يتذمر يومًا، بل كان يقول دائمًا لمن حوله: “الحلال رزق، والمهم أعيش رافع راسي”.

أحبّه الجميع، وكان مثالًا في الأمانة والهدوء، يعمل بصمت، لا يشتكي ولا يسيء لأحد، يراعي الله في عمله ويحافظ على لقمة عيشه كما يحافظ على شرفه.

ورغم النجاح إلا أن هناك دائمًا من يضيق صدره من نجاح الآخرين، ومن لا يحتمل رؤية النور في عيون الطيبين، وكان زميله محمد عصام شوقي أحد هؤلاء.

زميل العمل.. وجه الطيبة الزائف

كان محمد عصام شوقي زميله في الشركة، شابًا في الثلاثينيات، عُرف بين العمال بسوء السلوك وتعاطي المخدرات، لم يكن يحمل من الزمالة إلا الاسم، ومن الإنسانية إلا القشرة.

في الوقت الذي كان “محمود” يعمل فيه بصمت، كان “محمد” يسلك طرقًا ملتوية، يسرق أحيانًا، ويكذب كثيرًا.

محاولة الإصلاح بالنصيحة

ورغم كل شيء، لم يكن محمود يسيء الظن به، بل كان يحاول دائمًا أن ينصحه ويهديه، لكن النصيحة في قلبٍ مريضٍ تتحول إلى جرحٍ لا يُشفى، وإلى نارٍ تشتعل حقدًا.
بداية الخلاف.. كلمة "أمانة" فتحت باب الغدر

بدأت الأزمة حين اكتشف محمود أن زميله يسرق أدوات الشركة، فلم يفضحه، بل اختار أن ينصحه بهدوء: “يا محمد.. خلي بالك، الحرام ما بيدومش، وربنا كبير”، لكن “محمد” استقبل النصيحة بغضبٍ مكتوم، واعتبرها إهانة.

وبعد أيام، حين عرف صاحب الشركة الحقيقة، قرر فصل “محمد” بعد شهادة محمود عليه.

توسلات الزوجة

توسلت زوجة محمد الجاني، التي كانت تعمل عاملة "خادمة " في منزل صاحب الشركة، لإعادته إلى العمل.

وبعد إلحاحٍ شديد، وافق صاحب الشركة على طلبها، فعاد “محمد” إلى عمله، ولكن هذه المرة عاد بنية الانتقام.

رحلة إلى الموت

في صباح أحد الأيام، كان على محمود أن يقود السيارة في رحلة عمل إلى القاهرة، وبرفقته “محمد عصام”، وزوجة صاحب الشركة، وزوجة محمد.

طوال الطريق، كان الهدوء يسود السيارة، بينما في داخل “محمد” كانت تُحاك خطة شيطانية في الظلام.

وفي طريق العودة إلى أسيوط، حين اقتربوا من مدخل قرية المعصرة، انقضّ “محمد” على محمود وهو يجلس في المقعد المجاور للسائق، وقام بذبـحـة من الرقبة بسلاح أبيض كان يخفيه بين طيات ملابسه.

اختنق صوت محمود وهو يحاول التقاط أنفاسه، وغمرت الدماء المقعد والمقود، بينما انحرفت السيارة فجأة واصطدمت بجانب الطريق.

صرخت النساء في الخلف، وتحوّل الطريق إلى فوضى من الرعب والدماء.

لم ينتظر “محمد” لحظة، قفز من السيارة وفرّ هاربًا، أما داخل السيارة، فكان المشهد مفجعًا، محمود غارق في دمائه، لا حراك فيه.

بلاغ الأجهزة الأمنية

وصل الأهالي إلى المكان وأبلغوا الشرطة، التي انتقلت على الفور إلى موقع الحادث.

وبالفحص، تبيّن أن الجثة لسائق الشركة محمود أحمد جلال (38 عامًا) وأن القاتل هو زميله في العمل محمد عصام شوقي كما أصيبت زوجتة هبة.

بدأت المباحث في مطاردة الجاني حتى تم تحديد هويته بالكامل، وتكثيف الجهود لضبطه.

وداع القلب الطيب

في مشهدٍ مؤلم، ودعت أسرة محمود جثمانه بالدموع والدعاء، لم يكن أحد يصدق أن الرجل الذي لم يؤذِ أحدًا تنتهى حياتة بهذه الوحشية.

خرجت الجنازة مهيبة، شارك فيها الكبير والصغير، ورددت الأصوات في الحارات: حسبي الله ونعم الوكيل.. كان راجل أمين ومظلوم”.

موضوعات متعلقة

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found