من “شحاتين تيك توك” إلى مليارديرات.. كيف صنعت مي سلامة ثروة خيالية من الهدايا الرقمية

لم يعد تطبيق تيك توك مجرد منصة للترفيه أو تبادل مقاطع الفيديو القصيرة، بل تحول خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة ضخمة لصناعة المال، وسط جدل متصاعد حول أسلوب الحصول على هذه الأموال وطبيعة التأثيرات الاجتماعية والأخلاقية المترتبة عليها. وفي قلب هذا الجدل تبرز قصة المليارديرة المصرية مي سلامة، التي تحولت من صانعة محتوى على تيك توك إلى واحدة من أبرز الأثرياء في المنطقة، مع امتلاكها شركات عقارية، مصنع عطور، استوديو لتصوير الأغاني، وسيارات فاخرة، إلى جانب عقارات في مصر ودبي.
دعم الخليج وتحول مفاجئ في الحياة
مي سلامة التي تقيم حاليا في دبي، ارتبط اسمها بشكل واسع بما يُعرف بـ “شحاتين تيك توك”، وهو الوصف الذي يطلقه الجمهور على صناع المحتوى الذين يعتمدون على البث المباشر وتلقي الدعم المالي المباشر من المتابعين. وبحسب المتابعين، فإن سلامة حققت قفزة مالية غير مسبوقة خلال خمس سنوات من نشاطها عبر المنصة، بدعم كبير من متابعين وداعمين من منطقة الخليج على وجه الخصوص، ليصبح اسمها مرادفا للثراء السريع الذي تمنحه تيك توك للبعض.
شبهة غسيل أموال وبطالة
الظاهرة لم تمر دون إثارة الكثير من التساؤلات. فبينما يرى البعض أن تيك توك مجرد وسيلة عصرية للتربح مثل منصات أخرى، يؤكد آخرون أن الهدايا الرقمية التي تُرسل بقيم مالية ضخمة قد تكون ستارا لعمليات غسيل أموال تحت غطاء شرعي. كما أن اعتماد شريحة كبيرة من الشباب على البث المباشر للتربح السريع اعتُبر سببا رئيسيا في تفشي البطالة المقنّعة، حيث يفضّل كثير من الفتيات والشباب الجلوس أمام الكاميرا بدلا من البحث عن عمل منتج أو تطوير مهارات حقيقية.
فساد اجتماعي يهدد الشباب
ما يثير المخاوف أكثر هو البعد الاجتماعي لهذه الظاهرة. فالمئات من المراهقين والفتيات باتوا ينظرون إلى تيك توك كطريق مختصر للثراء، دون الحاجة إلى تعليم أو جهد أو عمل جاد. وهذا ما وصفه كثير من خبراء الاجتماع بـ “الفساد الرقمي”، الذي يغذي قيم الكسب السهل ويُفقد الشباب حافزهم على الإنتاجية، إضافة إلى تحوله إلى بيئة خصبة للاستغلال والابتزاز.
لماذا لم يتم إغلاق التطبيق؟
السؤال الذي يتكرر على ألسنة الكثيرين هو: إذا كان تيك توك أصبح منصة رئيسية لتفشي البطالة وغسيل الأموال، فلماذا لم يتم إيقافه رغم مرور أكثر من 8 سنوات على انتشاره الواسع؟
الإجابة تكمن في المصالح الاقتصادية والسياسية؛ فالمنصة تدر مليارات الدولارات على الشركة المالكة، كما أنها تساهم في تحريك الاقتصاد الرقمي للدول التي تفرض ضرائب ورسوم على هذه الأرباح. إلى جانب ذلك، فإن الانتشار العالمي للتطبيق وصعوبة السيطرة على محتواه يجعلان من فكرة حظره بشكل كامل خطوة شبه مستحيلة.
قصة مي سلامة نموذج صارخ
قصة المليارديرة مي سلامة ليست مجرد حكاية نجاح فردية، بل تعكس واقعا جديدا تفرضه التكنولوجيا الحديثة، حيث يمكن لشخص أن يتحول في غضون سنوات قليلة من مستخدم عادي إلى أيقونة ثراء، لكن هذا الثراء يظل محاطا بعلامات استفهام حول مصدر الأموال، وتأثيراتها على المجتمع، ومستقبل الشباب الذي يرى في هذه القصص طريقا مختصرا للوصول إلى القمة.
تيك توك قدّمت للعالم نموذجا جديدا للربح السريع
منصة تيك توك قدّمت للعالم نموذجا جديدا للربح السريع، لكنها في الوقت ذاته فتحت الباب أمام مخاطر اقتصادية وأخلاقية غير مسبوقة، من غسيل أموال وبطالة، إلى فساد اجتماعي يهدد القيم التقليدية للمجتمع. وبينما يواصل “شحاتين تيك توك” صعودهم، يبقى الجدل مفتوحا: هل هذه ثورة رقمية يجب استثمارها وتنظيمها؟ أم قنبلة موقوتة ستترك جرحا عميقا في جسد المجتمعات العربية؟