جريمة بحر البقر تهز الشرقية.. زوجة تشعل النار في زوجها أثناء نومه بعد سنوات من العذاب

في قرية بحر البقر التابعة لمركز الحسينية بمحافظة الشرقية، استيقظ الأهالي فجرًا على صرخات واستغاثات تتصاعد من منزل "فرج. ال" صاحب الـ63 عامًا، قبل أن تلتهم النيران جسده وتملأ رائحة الحريق أرجاء المكان.
لم يكن أحد يتخيل أن ما جرى داخل ذلك المنزل الهادئ هو جريمة قتل مأساوية نفذتها الزوجة بيدها بعد سنوات طويلة من الصمت والمعاناة.
سنوات من القسوة والإهانة
بحسب ما كشفت عنه التحريات الأمنية الأولية، فإن الزوجة "ر. ع" (60 عامًا)، عاشت حياة مليئة بالقهر داخل منزلها، تتعرض للإهانة والضرب والإهمال من زوجها على مدار سنوات طويلة.
ورغم محاولات الجيران التدخل أكثر من مرة لتهدئة الأوضاع بينهما، فإن الخلافات كانت تتجدد بشكل مستمر، حتى تحولت الحياة بينهما إلى جحيم لا يُطاق.
الزوجة – التي تحمل على وجهها ملامح التعب والانكسار – كانت تخفي وراء صمتها بركانًا من الغضب المكبوت. ومع مرور الوقت، تراكمت الجراح النفسية حتى بلغت لحظة الانفجار.
الجريمة في لحظة ضعف
في تلك الليلة، وبعد مشادة كلامية حادة بين الزوجين، دخل "فرج" إلى غرفته لينام، تاركًا خلفه زوجته تغلي بداخلها نارًا لا تهدأ.
جلست الزوجة تفكر في سنواتها الستين التي مضت بين الإهانة والضرب، وفجأة اتخذت قرارًا مروعًا سيغيّر مجرى حياتها للأبد.
أحضرت مادة قابلة للاشتعال من المطبخ، وسكبتها على جسد زوجها النائم، ثم أشعلت النار فيه. لم تمضِ ثوانٍ حتى اندلعت ألسنة اللهب، وسُمعت صرخاته تتعالى داخل المنزل، وسط محاولات الجيران لاقتحام الباب وإنقاذه، لكن النيران كانت أسرع.
عندما وصلت سيارات الإسعاف وقوات الحماية المدنية، كان الجسد قد تفحم بالكامل، لتتحول تلك الليلة إلى فاجعة مأساوية هزّت القرية بأكملها.
التحريات تكشف التفاصيل
تلقى مدير أمن الشرقية إخطارًا من مستشفى الحسينية المركزي، بوصول جثة متفحمة لرجل يدعى "فرج. ال" داخل منزله بقرية بحر البقر.
انتقلت قوات الأمن إلى موقع الحادث، وبالفحص تبيّن أن وراء الجريمة زوجته التي لم تحاول الفرار أو الإنكار.
اعترفت في التحقيقات الأولية بأنها أقدمت على إشعال النار في زوجها أثناء نومه، بعد أن ضاقت ذرعًا بما وصفته بـ"سنوات الذل والإهانة".
قالت الزوجة في اعترافاتها أمام النيابة العامة: "ماكنتش قادرة أستحمل تاني... كنت بنام وأنا بعيط كل يوم من القسوة والإهانة. حسّيت إني لازم أخلص."
وأكدت أنها لم تخطط مسبقًا، لكنها فقدت السيطرة على نفسها بعد تراكمات طويلة من الألم النفسي.
إجراءات أمنية وقانونية صارمة
على الفور، ألقت قوات الشرطة القبض على الزوجة، وتم التحفظ عليها تحت تصرف نيابة الحسينية التي باشرت التحقيق في الواقعة.
قررت النيابة حبس المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيقات، مع انتداب فريق من الأدلة الجنائية لمعاينة موقع الجريمة وجمع العينات اللازمة لتحديد أسباب الوفاة بدقة.
كما أمرت النيابة بالتحفظ على بقايا المواد المستخدمة في الحريق وإرسالها للمعمل الجنائي لتحليلها، إلى جانب استدعاء عدد من الجيران للاستماع إلى أقوالهم حول طبيعة العلاقة بين الزوجين.
القرية بين الصدمة والحزن
خيّم الحزن على قرية بحر البقر بعد الحادث. الأهالي وقفوا مذهولين أمام المشهد الذي لم يتخيل أحد أن تصل إليه الأمور داخل بيت عاشرته القرية لسنوات.
قال أحد الجيران: "كانوا دايمًا بيتخانقوا، بس محدش تخيّل إن النهاية تبقى كده... الست كانت طيبة، بس الظلم بيكسر أي إنسان."
أصبحت الجريمة حديث الناس في الشرقية، وطرحت تساؤلات كثيرة حول العنف الأسري وكيف يمكن أن يتحول بيت الزوجية إلى ساحة انتقام دامية.
التحقيقات مستمرة.. والعدالة قادمة
تواصل النيابة العامة تحقيقاتها المكثفة في الواقعة، لضمان سير العدالة وكشف كل الملابسات.
من جانبها، شددت الأجهزة الأمنية على ضرورة تعزيز حملات التوعية بخطورة العنف الأسري والضغوط النفسية التي قد تدفع البعض إلى ارتكاب جرائم مأساوية كهذه.
خاتمة مأساوية
تحولت الزوجة من ضحية صامتة إلى جانية تواجه السجن وربما الإعدام، بعدما أنهت بيديها حياة شريكها الذي عاشت معه عقودًا طويلة.
جريمة بحر البقر لم تكن مجرد حادث قتل، بل مرآة مؤلمة تعكس حجم المعاناة التي تعيشها بعض النساء خلف الأبواب المغلقة، حين يتحول الصبر الطويل إلى شرارة موت.