عبد الله بن مسعود .. من العبودية الى السيادة ...

( إنك غلام معلم ) ...
يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح درع جاف لا عهد له باللبن .. فإذا هو يعطي من خير الله الكثير ..
ينبهر عبد الله بن مسعود ..
يقول للنبي : يا عماه .. علمني مما تقول !! ..
يجيبه النبي الكريم : ( إنك غلام معلم ) ...
ما كان يدري وهو غلام فقير .. ضعيف .. أجير ..
يرعى غنم عقبة بن أبي معيط .. ما كان يدري أنه سيكون إحدى المعجزات التي تهزم بإيمانها كبرياء وقهر وجبروت سادة قريش .
يذهب بعد إسلامه إلى مجمع الأشراف عند الكعبة بين سادة وزعماء قريش فيقف على رؤؤسهم
ويرفع صوته بقراءة القرآن .
أول من يجهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ...
يقومون اليه .. يضربون وجهه وجسده وهو مستمر في قراءته حتى عاد إلى أصحابه ملطخ الثياب بالدماء .. ينزف من الوجه والجسد .
يقول لأصحابه : لئن شئتم لأغادينهم بمثلها !! ..
فيجيبوه : حسبك فقد أسمعتهم ما يكرهون !! .
يصير الغلام الأجير الفقير الضائع .. معجزة المعجزات ..
هو من المال معدوم ..
هو في الجسم ناحل ..
هو في الجاه مغمور ..
ولكن الإسلام يمنحه مكان الفقر نصيبا من خزائن كسرى وكنوز قيصر ..
ينقله .. ( من العبودية .. إلى السيادة ) .
يقول عن نفسه : أخذت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد ...
يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقتدوا بابن أم عبد فيقول :
( تمسكوا بعهد ابن أم عبد ) ..
يوصيهم بأن يتعلموا منه كيف يتلو القرآن يقول :
( من أحب أن يسمع القرآن غضا كما انزل فليسمعه من ابن أم عبد ) ..
يقول : ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) ..
يدعوه الرسول ويقول له : ( أقرأ علي يا عبد الله ) !! ..
فيجيب : أقرأ عليك وعليك أنزل يا رسول الله ؟! ..
يقول الرسوا صلى الله عليه وسلم : ( إني أحب أن اسمعه من غيري ) !! ..
يمتدحه حذيفة قائلا : ما رأيت أحدا أشبه برسول الله في هديه .. ودله .. وسمته من ابن مسعود ) ..
يصفه علي بن أبي طالب : لقد قرأ القرآن .. فأحل خلاله .. وحرم حرامه .. فقيه في الدين .. عالم بالسنة ) .
يقول عنه الصحب الكرام : كان يؤذن له على رسول الله إذا حجبنا ويشهد إذا غبنا ..
يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت مؤمرا أحدا دون شورى المسلمين لأمرت ابن أم عبد ) ..
لقد شهد المشاهد كلها .. والغزوات جميعها .. له يوم بدر شأن مذكور مع أبي جهل ..
يوليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
على بيت مال الكوفة ..
يحدثنا عن أهمية العمل فيقول : إني لأمقت الرجل إذ أراه فارغا ليس في شيء من عمل الدنيا .. ولا عمل الآخرة ...
من كلماته التي تكتب بماء الذهب :
خير الغنى غنى النفس ..
وخير الزاد التقوى ..
وشر العمى عمى القلب ..
وأعظم الخطايا الكذب ..
وشر المكاسب الربا ..
وشر المأكل مال اليتيم ..
ومن يعف يعف الله عنه ..
ومن يغفر يغفر الله له ..
هذا هو عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
له ساقان ناحلتان دقيقتان .. صعد يوما أعلى شجرة يجتني أراكا لرسول الله فرأى الصحابة دقة ساقيه فضحكوا !! ..
فقال الرسول : ( تضحكون من ساقي ابن مسعود .. لهما أثقل في الميزان من جبل أحد ) !!
يشهد له الصحابة بالسيادة في الإسلام .. فانتقل بإسلامه ..
( من العبودية .. إلى السيادة ) ...