حوادث اليوم
السبت 4 مايو 2024 12:56 صـ 24 شوال 1445 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

جاره سكب عليه البنزين وأشعل فيه النيران.. قصة مقتل عجوز كرداسة

المٌسن الضحية
المٌسن الضحية

8 أيام قضاها محمد مشرف في العناية المُركزة بالمستشفى على أجهزة التنفس الصناعى، يصارع الموت، وأسرته لم تفقد الأمل أبدًا أنه «يقوم لنا بالسلامة»، في رأى مخالف لأحد الأطباء الذي أخذ ابنه على جانب وصارحه بالقول: «أبوك مش هيكمل.. مش هعيش أكتر من كده»، وقد كان؛ إذ تلقى الابن اتصالًا ذات مساء، من ممرض بدأ كلامه بـ«شدّ حيلك»، ليترك رحيل الأب حسرة في قلبه: «أبويا كان داخل يسلك بين اتنين جيرانا في المعتمدية بكرداسة في الجيزة بيخانقوا واحد فيهم جاب جركن بنزين ودلقه على والدى وحرقه، انتقامًا منه لمنعه من الشر».

«إلحقوا عم محمد بيولع»

مشرف نجل المجنى عليه قال: «أبويا كان نازل يجيب خالى البيت عندنا، لأننا عازمينه على الإفطار»، وتعدى جارهم «عمرو على عبدالرحيم 47 سنة»، مسجّل خطر، عليه، يبكى الابن من قسوة المشهد الذي طالعه في كاميرات المراقبة ويردد: «والدى كان ماشى في أمان الله، الشارع هادئ، المارة عددهم قليل جدًا، فجأة وقف والدى قدام جارنا يمنعه من سكب جركن بنزين على شخص آخر إثر مشاجرة دارت بينهما، إلا أن الجار لم يعجب بحديث أبى، هدده ورمى عليه البنزين».

«عمرو»، قبل أن يضرم النيران بـ«ولاعة» في جسد سائق الميكروباص «محمد»، سكب كمية من البنزين على جسده، وفق ابنه: «أبويا خلع الجلابية اللى كان لابسها، حاول إنقاذه نفسه في الأول، لكن جارنا رفع الجركن تانى من على الأرض برجله والبنزين عم جسم والدى، ولم يكن هناك مفر لإنقاذه من الحرق».

ففى لمح البصر، تحول الشارع الهادئ إلى خلية من النّاس، أحدهم ظنّ أن هناك حريقا بجوار محل، وآخرون افتكروا أنّ «موتوسيكل» بيولع، إلا أنه بمجرد الاقتراب من مكان الحريق، هالهم رؤيتهم لـ«محمد» وهو يجرى والنار ماسكة في جسمه يستغيث: «إلحقونى.. إلحقونى هاموت»، ليعلو صراخهم معه: «إلحقوا عم محمد بيولع»، وعلى إثرها طالعت أسرة الضحية المشهد المأساوى لنهاية الأب، والمتهم «عمرو» يلوذ بالفرار من المنطقة، يضحك ولا كأنه ظفر في معركة «علشان تمنعنى كويس أولع في اللى بتخانق معه، ولع إنت بقى».

«ده مات شهيد»

نسيب «محمد»، حضر إلى منزله؛ الفرح بقدوم عيد الفطر المبارك تحول إلى كارثة، خال عياله جرى وراءه إلى مستشفى قصر العينى، حيث الأطباء يحجزونه في العناية المركزة يؤكدون في تقاريرهم أن الحروق من الدرجة الأولى، لوهلة أحدهم صارح ابن المجنى عليه: «أبوك مش هيكمل»، لم يصدق، تشبث بثمة أمل: «ده سندنا وضهرنا وحياتنا كلها»، قال لنفسه وتذكر حال رحيله «حياتنا هتبقى جحيم من غيره».

لا ملابس جديدة، ولا عيدية، ولا استقبال ضيوف وأقارب في منزل «محمد»، فأسرته قضت 8 أيام رفقته في المستشفى، زوجته كانت تقول لأولادهما (ولد وبنت): «اقعدوا اشبعوا من أبوكم»، تروى «كان نفسنا نسمع صوته لو لمرة واحدة، كان قاعد في العناية المركزة طول الوقت، على أجهزة التنفس، ومنظر جسمه والجلد قد تساقط من عليه يدمى القلوب».

قبل يومين، استقبل «مشرف» خبر وفاة أبيه، ضرب الأرض بقدميه تعبيرًا عن الألم الذي ألم به، لم يتحدث إلى أخته الوحيدة ووالدتهما، فهما من تعبيرات وجهه وبكائه وصراخه العالى، جميعهم حضر إلى المستشفى لاستلام الجثمان، كانوا يواسون أنفسهم، بعبارتهم: «ده مات شهيد».

أسرة الضحية

قتل مع سبق الإصرار

جنازة حضرها المئات من الأهالى، يعرفون «محمد» ولا يعرفونه، بكوه كما لو كان أحد أفراد أسرتهم، ففيما بينهم كانوا يتداولون الفيديو الذي وثق لحظة إحراقه.

لم يمنع ضبط الشرطة للمتهم «عمرو»، قبل وفاة الضحية، من مطالبة أسرة الأخير بتوجيه اتهام له بإشعال الحريق العمدى في المجنى عليه وقتله مع سبق الإصرار والترصد «كان مستنيه عشان يحرقه، ولما خلع هدومه لينجو من موت محقق، دلق عليه بنزين تانى على جسمه».

النيابة العامة، قررت حبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وقرر قاضى المعارضات مد فترة الحبس الاحتياطى لـ15 يومًا، وتستكمل النيابة تحقيقاتها مع مرتكب الجريمة وتنتظر تحريات تكميلية من أجهزة الأمن حول الواقعة وملابساتها عقب قرارها بالتصريح بدفن جثمان الضحية.

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found