حيثيات الحكم بالمشدد 10 سنوات على المتهمين بسرقة 15 مليون جنيه من حساب مسؤول كويتي سابق

كشفت محكمة جنايات الجيزة، في حيثيات حكمها الصادر بمعاقبة متهمين بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، لاتهامهما بالاستيلاء على 15 مليون جنيه من حساب أحد كبار المسؤولين الكويتيين السابقين، تفاصيل مثيرة عن كيفية وقوع الجريمة، ودور أحد موظفي بنك شهير في تنفيذها، قبل أن يتم اكتشافها بعد نحو عقد من الزمن.
خيوط الجريمة تبدأ داخل بنك شهير بالدقي
أوضحت الحيثيات أن أحد المتهمين كان يعمل رئيسًا لخدمة العملاء بأحد البنوك الشهيرة فرع الدقي، واستغل موقعه الوظيفي للوصول إلى حسابات العملاء، ومن بينهم حساب الشيخ مبارك فيصل سعود الصباح، رئيس الديوان الأميري السابق لدولة الكويت.
وبحسب ما جاء في التحقيقات، فقد تم الاستيلاء على مبلغ 15 مليون جنيه مصري من حساب الشيخ عبر سلسلة من العمليات البنكية المشبوهة، جرى تنفيذها بطريقة احترافية داخل النظام المصرفي.
اكتشاف الواقعة بعد 10 سنوات من وقوعها
أشارت الحيثيات إلى أن الشيخ مبارك فيصل سعود الصباح، وخلال زيارته لمصر في فبراير 2024، قصد فرع البنك بالدقي لتحديث بياناته ومراجعة حساباته البنكية، وهناك فوجئ بوجود عملية خصم من حسابه الدولاري تعود إلى عام 2015، مقابل شراء شهادة استثمار بقيمة 309,800 دولار أمريكي باسم المتهم الثاني.
المفاجأة الكبرى كانت أن العميل الكويتي لم يكن داخل الأراضي المصرية وقت تنفيذ عملية الخصم، إذ تبيّنت من شهادة التحركات الرسمية أنه لم يزر مصر منذ سبتمبر 2009 وحتى فبراير 2024، ما أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن العملية تمت دون علمه أو تفويض منه، وأنها نتيجة تلاعب من داخل البنك.
البنك يرد المبلغ بعد ثبوت الواقعة
بمجرد اكتشاف الواقعة، قامت إدارة البنك بفتح تحقيق داخلي موسّع، وتأكدت من صحة الشكوى المقدمة من الشيخ الكويتي. ونتيجة لذلك، أعادت إدارة البنك المبلغ المستولى عليه بالكامل، بالإضافة إلى الفائدة المستحقة عليه منذ تاريخ الواقعة في 10 فبراير 2015 وحتى تاريخ الرد في 8 أبريل 2024.
وأكدت المحكمة في حيثياتها أن البنك يتحمل المسؤولية القانونية عن حماية أموال العملاء، موضحة أن الأموال المودعة تعتبر أموالاً عامة بحكم إدارتها من قبل موظفين عموميين، ما يجعلهم خاضعين لأحكام قانون العقوبات في جرائم العدوان على المال العام.
القصاص بعد غياب طويل
وقالت المحكمة في منطوق حيثياتها إن المتهمين تناسيا أن "الحق سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره"، مشيرة إلى أن العدالة الإلهية والإنسانية قد تحققت بعودة الشيخ مبارك فيصل سعود الصباح إلى مصر بعد غياب دام سنوات طويلة، لتنكشف الجريمة وتُعاد الحقوق إلى أصحابها.
وأكدت المحكمة أن الواقعة كشفت إساءة استخدام السلطة الوظيفية واستغلال الثقة الممنوحة لموظفي البنوك في التلاعب بأموال العملاء، وهو ما اعتبرته "جريمة تمس سمعة القطاع المصرفي وأمن المعاملات المالية في الدولة".
الحكم النهائي وتداعياته
بناءً على الأدلة والمستندات وشهادات موظفي البنك وتحقيقات النيابة العامة، قضت المحكمة بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد 10 سنوات لكل منهما، وإلزامهما برد المبالغ المستولى عليها.
وشددت المحكمة في ختام حيثياتها على أن العقوبة جاءت لتكون رادعة لكل من تسوّل له نفسه العبث بأموال المودعين، مشيرة إلى أن الثقة في المؤسسات المالية يجب أن تبقى فوق أي شبهة أو استغلال شخصي، وأن العدالة مهما تأخرت، فإنها لا تسقط بالتقادم ولا تضيع أمام الزمن.