حوادث اليوم
الخميس 25 أبريل 2024 11:57 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة حوادث اليوم
رئيس التحريرصلاح توفيق

خباب بن الأرت .. من العبودية .. إلى السيادة ...

حسن سليمان
حسن سليمان


يرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفيه المبسوطتين إلى السماء
ويقول : ( اللهم أنصر خبابا ) .. فمن خباب ؟! ...
كان خباب سيافا يصنع السيوف ويبيعها لأهل مكة ..
يسأل خباب أسياد قريش : هل رأيتموه ؟! ...
هل سمعتم كلامه ؟! ...
من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد ( أم أنمار ) ؟! ...
أجاب خباب في هدوء : ومن سواه يا أخا العرب ..
إنه محمد .. نعم إنه رسول الله إلينا ..
ليخرجنا من الظلمات إلى النور ...
لم يدري خباب ماذا قال .. ولا ماذا قيل له .. كل ما يذكره أنه أفاق من غيبوبته بعد ساعات طويلة ودمه النازف يلطخ ثوبه وجسده ...
عاد خباب إلى داره يضمد جراحه ويتهيأ لاستقبال تعذيب جديد وآلام جديدة ...
أخذ خباب مكانه العالي بين المعذبين والمضطهدين ..
لقد صبر خباب ولم يلن بين يدي الكفار فجعلوا يلصقون ظهره العاري بالصخور المحماة حتى ذهب لحمه ...
كان حظ خباب من العذاب كبيرا .. ولكن مقاومته وصبره كانا أكبر من العذاب ...
يذهب مع رفاقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكون له دون جذع راجين العافية ...
يا رسول الله .. ألا تستنصر لنا ؟! ...
فجلس رسول الله وقد أحمر وجهه وقال : ( قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل فيحفر له في الأرض ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه ما يصرفه ذلك عن دينه !! .. ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه ما يصرفه ذلك عن دينه !! .. وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون !! ... ) .
سمع خباب ورفاقه هذه الكلمات فأزداد إيمانهم وإصرارهم ...
أستنصر الناس ب ـ ( أم أنمار ) سيدة خباب التي كان عبدا لها قبل أن تعتقه فأقبلت واشتركت في تعذيبه ...
كانت تأخذ الحديد المحمي الملتهب وتضعه فوق رأسه وخباب يتلوى من الألم ويكتم أنفاسه
حتى لا يشمت جلاديه بدينه ...
يمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرى الحديد المحمي فوق رأسه فيرق له ويرفع كفيه المبسوطتين إلى السماء ..
( اللهم أنصر خبابا ) ..
ويشاء الله ألا تمضي أياما ويقتص من ( أم أنمار ) ...
ذلك أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب
جعلها تعوي مثل الكلاب !!! ...
وقيل لها : لا علاج لها سوى أن يكوى رأسها بالنار !!..
شهد ( خباب بن الأرت ) جميع المشاهد والغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وعاش عمره كله حفيظا على إيمانه ويقينه .
كان يجعل دخله من بيت المال في مكان من داره يعرفه أصحابه ، وكل من وقعت به حاجة يذهب فيأخذ من المال ما يحتاج فإذا تيسر له رده ...
يقول خباب عن أمواله : والله ما شددت عليها خيط ولا منعتها من سائل ..
ومع ذلك يخشى أن تكون عجلت له حسناته في الحياة الدنيا .. ولا يجد شيئا في الآخرة ...
مات خباب في السنة السابعة والثلاثين للهجرة .
لم يكن الرسول يراه وبلال وصهيب إلا ويربت على أكتافهم ويقول : ( أهلا بمن أوصاني بهم ربي ) ...
وخير ما نودع به خباب كلمات علي رضي الله عنه :
رحم الله خبابا ..
لقد أسلم راغبا ..
وهاجر طائعا ..
وعاش مجاهدا ...
صبر وأحتسب رحمة الله عليه فنال السيادة ..
وأنتقل بإسلامه .. ( من العبودية إلى السيادة ) ...

العيون الساهرة

    xml_json/rss/~12.xml x0n not found