مليارا جنيه في الهواء”.. تفاصيل سقوط “مستريح السيارات” أمير الهلالي بعد أكبر عملية نصب في سوق السيارات بمصر
		في واحدة من أكبر قضايا الاحتيال التي هزّت الرأي العام المصري خلال العامين الأخيرين، أصدرت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة حكمًا جديدًا ضد رجل الأعمال أمير الهلالي، الشهير بـ"مستريح السيارات"، قضى بتغريمه مليوني جنيه مصري، مع إلزامه برد مبالغ مالية تقدر بملياري جنيه استولى عليها من ضحاياه بزعم استيراد سيارات فارهة من الخارج.
ويأتي هذا الحكم ضمن سلسلة من الأحكام القضائية التي صدرت بحقه في قضايا متفرقة، بلغت 15 حكمًا بإجمالي عقوبات وصلت إلى 35 عامًا من السجن، لتغلق المحكمة فصلاً من فصول واحدة من أكثر القضايا إثارة في الشارع المصري، بعد أن تحولت قصة الهلالي من “رجل أعمال ناجح” إلى “أيقونة للنصب الحديث”.
من رجل أعمال واعد إلى نصّاب محترف
بدأت القصة عام 2023، عندما لمع اسم أمير الهلالي في سوق السيارات المصري كأحد أبرز المستثمرين الجدد. أسس شركة ضخمة في التجمع الخامس بالقاهرة، وطرح حملات إعلانية ضخمة تحت شعار "استورد سيارتك بنفسك"، مدّعيًا أنه يوفر للزبائن فرصة امتلاك سيارات أوروبية فارهة مثل مرسيدس، بي إم دبليو، وبورش بأسعار أقل من السوق المحلي، مع وعد بالتسليم خلال شهر واحد فقط.
           
ومع تزايد الإقبال، نجح الهلالي في استقطاب مئات العملاء من مختلف المحافظات، وجمع مبالغ مالية هائلة تجاوزت ملياري جنيه مصري، بحسب تحقيقات النيابة العامة، مستغلًا صفته السابقة كرئيس لجنة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية لبناء ثقة وهمية لدى ضحاياه.
“الوهم الكبير”.. كيف سقط العملاء في الفخ؟
روّج الهلالي لمشروعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مستخدمًا مقاطع فيديو فاخرة من معارضه التي كانت تعج بسيارات حديثة تم استيرادها بالفعل لتأكيد مصداقيته.
لكن بعد أشهر قليلة من انطلاق المشروع، بدأ العملاء في مطالبته بتسليم السيارات المتفق عليها، ليفاجأ الجميع بسلسلة أعذار متكررة حول “تأخر الإفراج الجمركي”، و“أزمات في الشحن”، و“تعليق مؤقت من الموانئ المصرية”.
وبينما كان عشرات العملاء ينتظرون سياراتهم، كانت الشكاوى تتوالى ضد شركته، لتتكشف الحقيقة لاحقًا بأن الهلالي لم يستورد السيارات أصلًا، بل استخدم الأموال لتمويل عمليات جديدة في نموذج "السلسلة الهرمية" لجذب عملاء جدد بأموال القدامى، في واحدة من أكبر عمليات الاحتيال المالي في قطاع السيارات.
الهروب الكبير والقبض عليه في الإمارات
في مايو 2025، اختفى “مستريح السيارات” بشكل مفاجئ، وأغلق جميع فروع شركته ومعارضه بالقاهرة. ومع تصاعد البلاغات التي قدمها أكثر من 80 عميلًا متضررًا، أدرجت وزارة الداخلية اسمه على قوائم الترقب والوصول الدولية.
وبعد مطاردة استمرت أسابيع، أعلنت السلطات في يونيو 2025 عن إلقاء القبض عليه في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن كشفت التحقيقات تحركاته المالية ومحاولاته لتهريب مبالغ ضخمة من أموال الضحايا عبر حسابات خارجية. وتم ترحيله إلى مصر حيث واجه سلسلة من القضايا أمام المحكمة الاقتصادية ومحكمة القاهرة الجديدة.
تفاصيل الأحكام والعقوبات
أبرز الأحكام الصادرة ضد أمير الهلالي كانت في القضية رقم 13720 أمام محكمة القاهرة الجديدة، حيث أدين بإصدار شيك بدون رصيد بقيمة 4 ملايين و800 ألف جنيه لأحد العملاء، وقضت المحكمة حينها بسجنه 3 سنوات.
أما الحكم الأخير الصادر عن المحكمة الاقتصادية بالقاهرة فقد جاء بتغريمه مليوني جنيه، مع رد الأموال التي استولى عليها من عملائه، ليصبح بذلك مطالبًا قانونيًا برد أكثر من ملياري جنيه إلى المتضررين من ضحاياه المنتشرين في مختلف المحافظات.
غضب شعبي ودعوات للتشديد
أثار الحكم موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفه كثير من المتابعين بأنه غير كافٍ لردع مثل هذه الجرائم المالية الكبرى.
وقال أحد الضحايا في تصريحات صحفية: “أنا دفعت مليون ونصف جنيه منذ عامين ولم أستلم السيارة ولا حتى وصل استيراد، وكل ما حصلت عليه وعود كاذبة”.
وطالب آخرون بضرورة تغليظ العقوبات على جرائم النصب التجاري، مؤكدين أن ما حدث كشف عن ثغرات قانونية يستغلها المحتالون في العقود المدنية والشركات الوهمية.
تحذير من الإعلانات البراقة والعروض المغرية عبر الإنترنت
قضية أمير الهلالي “مستريح السيارات” تمثل جرس إنذار قوي لكل من يلهث خلف الإعلانات البراقة والعروض المغرية عبر الإنترنت، دون التحقق من مصادرها أو ضماناتها القانونية.
فبين ليلة وضحاها، تحوّل رجل الأعمال الذي جمع ملياري جنيه من المواطنين إلى سجين يواجه أحكامًا تقترب من أربعة عقود خلف القضبان، في مشهد يعيد إلى الأذهان مقولة شهيرة:
“الطمع فخّ، والبريق الزائف طريق سريع إلى السقوط.”















