الذكاء الاصطناعي يتحول إلى أداة انتقام.. القبض على طالب بالمنصورة لفبركة فيديو ”مُخل” لزميلته بعد رفضها الارتباط

ألقت أجهزة الأمن بمديرية أمن الدقهلية القبض على طالب جامعي قام باستخدام الذكاء الاصطناعي لتصميم فيديو "مُخل" مفبرك لزميلته في محاولة للانتقام منها بعد أن رفضت الارتباط به. الحادثة التي وقعت في مدينة المنصورة تسلط الضوء على الوجه المظلم للتكنولوجيا حين تقع في الأيدي الخطأ، وتفتح بابًا خطيرًا حول جرائم الذكاء الاصطناعي واستغلاله في التشهير والابتزاز.
ابتزاز وتشويه بالذكاء الاصطناعي
بدأت القصة عندما تقدمت طالبة من المنصورة ببلاغ رسمي في 28 مايو الماضي ضد زميلها في الجامعة، تتهمه فيه بابتزازها بعد أن رفضت إقامة علاقة عاطفية معه.
وبحسب التحقيقات، فقد أقدم الطالب على استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لتوليد مقطع فيديو مُخل مدته 27 ثانية يظهر فيه وجه الفتاة بطريقة مزيفة، ثم قام بنشر المقطع بين أصدقائه وعلى بعض الصفحات الإلكترونية بهدف تشويه سمعتها والانتقام منها.
الضحية أكدت أن المتهم أرسل لها الفيديو في البداية محاولًا تهديدها وإجبارها على التواصل معه مجددًا، قبل أن ينفذ تهديده بنشره علنًا بعد تجاهلها له، مما تسبب في أزمة نفسية حادة لها وصلت إلى محاولات انتحار متكررة نتيجة الصدمة والعار الاجتماعي الذي تعرضت له.
تحرك أمني سريع.. وضبط المتهم
على الفور، باشرت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الدقهلية جمع المعلومات وتتبع الحسابات المستخدمة في نشر الفيديو، حتى تمكنت من تحديد هوية المتهم وضبطه داخل نطاق دائرة مركز شرطة المنصورة.
وبمواجهته، اعترف تفصيليًا بارتكاب الجريمة، مبررًا فعلته بـ"الانتقام بعد الرفض"، ليتم تحرير محضر رسمي بالواقعة وعرضه على النيابة العامة التي أمرت بحبسه على ذمة التحقيقات، مع توجيه تهم التشهير والابتزاز الإلكتروني واستخدام أدوات تكنولوجية في الإساءة إلى الغير.
الأم تكشف معاناة ابنتها النفسية
وفي تصريحات مؤثرة، قالت والدة الفتاة إن المقطع المفبرك "لم يتجاوز 27 ثانية"، لكنه دمّر حياة ابنتها بالكامل، مؤكدة أن الفتاة حاولت الانتحار أكثر من مرة بسبب الصدمة التي تعرضت لها بعد انتشار الفيديو بين زملائها في الجامعة والمنطقة السكنية.
وأضافت الأم أن أسرتها تعيش حالة من الرعب والعار، وطالبت الجهات المعنية بسرعة معاقبة المتهم بأقصى عقوبة "حتى يكون عبرة لكل من يستخدم التكنولوجيا في هدم بيوت الناس وتشويه سمعتهم".
جرائم الذكاء الاصطناعي.. كابوس يهدد الخصوصية
تأتي هذه الواقعة لتدق ناقوس الخطر بشأن الاستخدام غير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات مزيفة، أو ما يُعرف بـ"Deepfake"، وهي تقنية باتت تُستخدم في التلاعب بالمحتوى المرئي بطريقة يصعب على غير المتخصصين اكتشافها.
ويحذر الخبراء من أن انتشار هذه الممارسات دون رقابة صارمة قد يؤدي إلى موجة جديدة من جرائم التشهير الرقمي والعنف الإلكتروني ضد النساء، داعين إلى سنّ قوانين أكثر صرامة لتجريم إنتاج أو تداول المحتوى المفبرك باستخدام الذكاء الاصطناعي.
دعوات لتشديد العقوبات وحماية الضحايا
عدد من المحامين والحقوقيين طالبوا بتطبيق المواد القانونية الخاصة بجرائم تقنية المعلومات، مؤكدين أن القانون المصري يُجرّم هذه الأفعال، وينص على السجن والغرامة لكل من يعتدي على خصوصية الغير أو يستخدم التكنولوجيا للإساءة إلى سمعتهم.
كما شددوا على ضرورة توفير دعم نفسي واجتماعي للضحايا، لا سيما الفتيات اللاتي يتعرضن للتشهير، في ظل الضغوط المجتمعية القاسية التي قد تدفع بعضهن إلى سلوكيات خطرة.
جرس إنذارٍ للمجتمع بأكمله
تبقى مأساة الطالبة المنصورية جرس إنذارٍ للمجتمع بأكمله؛ فبين أيدي الشباب اليوم أدوات قادرة على خلق واقعٍ مزيفٍ أشد خطرًا من الجريمة التقليدية، واقعٌ لا يُطفئه إلا الوعي، والرقابة، وتطبيق القانون بحزم.